عند الله تعالى من سبعين زنية ، كلّها بذات محرم (١) ، فيجب على الإنسان معرفته ، ليتجنبه ويتنزه عنه.
فمن ارتكب الربا بجهالة ، ولم يعلم أن ذلك محظور ، فليستغفر الله تعالى في المستقبل ، ويتوب إليه ، وقد تاب الله عليه فيما مضى ، ومن علم أن ذلك حرام ، ثم استعمله ، فكل ما يحصل له من ذلك ، محرّم عليه ، ويجب ردّه على صاحبه ، فإن لم يعرف صاحبه ، تصدّق به عنه ، على ما روي في الأخبار (٢) ، وإن عرفه ولم يعرف مقدار ما أربى عليه ، فليصالحه ، وليستحلّه.
وإن علم أن في ماله ربا ولا يعرف مقداره ، لا بالوزن ولا بالعين ، ولا من أربى عليه ، ولا غلب على ظنه مقدار الربا ، فليخرج خمس ذلك المال ، ويضعه في أهله ، وحلّ له التصرف فيما يبقى بعد ذلك.
وقال شيخنا في نهايته : فمن ارتكب الربا بجهالة ، ولم يعلم أنّ ذلك محظور فليستغفر الله تعالى ، وليس عليه فيما مضى شيء ومتى علم أنه ذلك حرام ، ثم استعمله ، فكلّ ما يحصل له من ذلك محرم عليه ، ويجب عليه ردّه على صاحبه (٣).
قال محمّد بن إدريس : قول شيخنا رحمهالله : « فمن ارتكب الربا بجهالة ، ولم يعلم أنّ ذلك محظور ، فليستغفر الله تعالى في المستقبل ، وليس عليه فيما مضى شيء » المراد بذلك ، ليس عليه شيء من العقاب ، بعد استغفاره ، لا أنّ المراد بذلك ، أنّه ليس عليه شيء من ردّ المال الحرام ، بل يجب عليه ردّه على صاحبه ، لقوله تعالى ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) (٤) فأمّا قوله تعالى ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ) (٥) المراد به والله أعلم ، فله ما سلف من الوزر ، وغفران الذنب ، وحقّ القديم سبحانه بعد انتهائه ، وتوبته ، لأنّ
__________________
(١) الوسائل : الباب ١ من أبواب الربا ، ح ١.
(٢) الوسائل : الباب ٥ من أبواب الربا ، والباب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به.
(٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب الربا وأحكامه ..
(٤) البقرة : ٢٧٩.
(٥) البقرة : ٢٧٥.