إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم (١) ولو لا الإجماع المنعقد على تحريم بيع الدنانير والدراهم نسيئة ، لجاز ذلك ، لأنّه داخل في عموم قوله عليهالسلام ، فخصصناهما بالإجماع ، وبقي الباقي وما عداهما على أصل الإباحة ، وقوله تعالى : « ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) ، وقد قلنا أنّ حقيقة الربا في عرف الشريعة ، بيع المثل من المكيل أو الموزون بالمثل ، متفاضلا نقدا ونسيئة.
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا اختلف الجنسان ، فلا بأس بالتفاضل فيهما نقدا ونسيئة ، إلا الدراهم والدنانير ، والحنطة والشعير ، فإنّه لا يجوز بيع دينار بالدراهم نسيئة ويجوز ذلك نقدا ، بأيّ سعر كان ، وكذلك الحكم في الحنطة والشعير ، فإنّه لا يجوز التفاضل فيهما ، لا نقدا ولا نسيئة لأنّهما كالجنس الواحد ، هذا آخر كلام شيخنا رحمهالله (٢).
قال محمد بن إدريس : لا خلاف بين المسلمين ، العامة والخاصة ، أنّ الحنطة والشعير جنسان مختلفان ، أحدهما غير الآخر ، حسا ونطقا ، ولا خلاف بين أهل اللغة واللسان العربي في ذلك ، فمن ادّعى أنهما جنس واحد ، أو كالجنس الواحد ، يحتاج إلى أدلة قاطعة للأعذار ، من إجماع منعقد ، أو كتاب ، أو سنة متواترة ، ولا إجماع على ذلك ، ولا نصّ في كتاب الله تعالى ، ولا سنّة مقطوعا بها متواترة ، وقد قلنا ان اخبار الآحاد ، لا توجب علما ولا عملا ، ولا يخص بها الإجماع ، ولا الأدلة (٣).
ثم لم يذهب إلى هذا القول ، غير شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله وشيخنا المفيد رحمهالله ، في مقنعته (٤) ، ومن قلده في مقالته ، وتبعه في تصنيفه ، بل جلّة أصحابنا المتقدّمين ، ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين رحمهمالله ، لم يتعرضوا.
__________________
(١) أورده الشيخ قدسسره في الخلاف كتاب البيوع ، ذيل المسألة ١٢١ ، وفيه : إذا اختلف الجنسان
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الربا وأحكامه.
(٣) هنا عثرنا على أوراق من نسخة الأصل
(٤) المقنعة : باب بيع الواحد بالاثنين ص ٦٠٤.