الأخرى هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطة (١).
وأيضا فقد بيّنا أنّ حقيقة الربا في عرف الشرع بيع المثل بالمثل متفاضلا ، من المكيل والموزون ، وأنه لا ربا عندنا إلا في المكيل والموزون ، بغير خلاف بيننا ، وبيع البعير بالبعيرين ، والدّار بالدّارين ، وما أشبه ذلك ، ليس بمكيل ولا موزون ، فخرج ذلك من حقيقة الربا المنهي عنه في شريعة الإسلام ، ودخل ذلك في عموم قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع بغير خلاف.
وقد بيّنا أيضا ، أنّ أخبار الآحاد ، لا يرجع إليها ، ولا يعوّل عليها ، فإن ورد خبر شاذ ، لا يلتفت إليه ، ولا تخص بمثله الأدلة والعموم.
ثم أخبارنا التي أوردها شيخنا في استبصاره (٢) ، في الجزء الثالث كلّها ناطقة بما ذكرناه ، من قولهم عليهمالسلام ، لما سئلوا عن بيع البعير بالبعيرين ، فقالوا : لا بأس ، جميعها كذلك ، أوردها ولم يقل فيها شيئا ، أعني شيخنا أبا جعفر ، ولا قال : إذا كان ذلك نسيئة لا يجوز ، ولو كان ذلك اعتقاده ، لقال : وتوسط بين الأخبار ، على ما جرت عادته وسجيّته.
وما يكال ويوزن ، فبيع المثل بالمثل ، جائز حسب ما قدّمناه ، يدا ولا يجوز ذلك نسيئة.
ولا بأس ببيع الأمتعة والعقارات ، والحبوب وغير ذلك ، بالدراهم والدنانير ، نقدا ونسيئة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : ولا يجوز بيع الغنم باللحم ، لا وزنا ولا جزافا (٣) وقال في مبسوطة ، ومسائل خلافه : إذا كان اللحم من جنس الحيوان ، فلا يجوز ، وإن كان من غير جنسه ، فذلك جائز (٤).
__________________
(١) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع ، فصل في ذكر ما يصح فيه الربا وما لا يصح ، ص ٨٩.
(٢) الاستبصار : كتاب البيوع ، باب بيع ما لا يكال ولا يوزن.
(٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب الربا واحكامه.
(٤) المبسوط : كتاب البيوع فصل في ذكر ما يصح فيه الربا وما لا يصح ، والمسألة ١٢٦ من كتاب بيع الخلاف.