كان ذلك جائزا ، وإن لم يواجبه البيع (١) فإن باع الواسطة المتاع ، بزيادة على ما قوم عليه ، كان له وإن باعه برأس المال ، لم يكن له على التاجر شيء ، وإن باعه بأقل من ذلك ، كان ضامنا لتمام القيمة ، فإن ردّ المتاع ، ولم يبعه ، لم يكن للتاجر الامتناع من أخذه ، وقال رحمهالله : ومتى أخذ الواسطة ، المتاع على ما ذكرناه ، فلا يجوز له أن يبيعه مرابحة ، ولا يذكر الفضل على القيمة في الشراء (٢).
قال محمّد بن إدريس : ما أورده شيخنا ، غير واضح ، ولا مستقيم ، على أصول مذهبنا ، لأنّ هذا جميعه لا بيع المرابحة ، ولا إجارة ، ولا جعالة محققة ، فإذا باع الواسطة بزيادة على ما قوم عليه ، لم يكن للواسطة في الزيادة شيء ، لأنّها من جملة ثمن المتاع ، والمتاع للتاجر ، ما انتقل عن ملكه بحال ، وللواسطة أجرة المثل ، لأنّه لم يسلّم له العوض ، فيرجع الى المعوّض ، وكذلك إن باعه برأس المال ، وإن باعه بأقل ممّا أمره به ، كان المبيع باطلا فإن تلف المبيع ، كان الواسطة ضامنا.
وقوله رحمهالله : « ومتى أخذ الواسطة المتاع على ما ذكرناه ، فلا يجوز له أن يبيعه مرابحة ، ولا يذكر الفضل على القيمة في الشراء » قال محمّد بن إدريس : وأيّ شراء جرى بين التاجر وبين الواسطة ، حتى يخبر بالثمن ، وليس هذا موضوع بيع المرابحة في الشريعة ، بغير خلاف ، وانّما أورده أخبار الآحاد ، في هذا الكتاب إيرادا ، لا اعتقادا على ما وردت عليه بألفاظها ، صحيحة ، كانت أو فاسدة ، على ما ذكره واعتذر به ، في خطبة مبسوطة ، على ما قدّمنا القول فيه ، في صدر كتابنا هذا.
يزيد ذلك بيانا ، ما أورده في نهايته ، بعد هذه المسألة ، بلا فصل ، قال رحمهالله : وإذا قال الواسطة للتاجر ، خبرني بثمن هذا المتاع ، واربح عليّ فيه كذا وكذا ، ففعل التاجر ذلك ، غير أنّه لم يواجبه البيع ، ولا ضمن هو الثمن ، ثمّ باع الواسطة بزيادة على رأس المال والثمن ، كان ذلك للتاجر ، وله اجرة المثل ،
__________________
(١) ج : لم يواجبه.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب البيع بالنقد والنسيئة.