ذلك ، لأنّ كلّ ما لا يتمّ الواجب إلا به ، فهو واجب مثله ، وقد قلنا أنّ التسليم واجب على البائع ، ولا يتم التسليم ، إلا بالوزن والكيل ، وإفراده من جنسه بهما ، واجرة الناقد للثمن ، ووزانه على المبتاع ، لأنّ عليه توفية المال على الكمال لما قدّمناه من الدلالة في اجرة وزن المتاع ، وكيله ، فلا وجه لإعادة ذلك.
ومن نصب نفسه لبيع الأمتعة ، كان له اجرة البيع ، على البائع الذي هو موكّله ، دون المبتاع ، ومن كان منتصبا للشراء ، كان اجره على المبتاع الذي هو موكّله ، دون البائع ، فإن كان ممن يبيع ويشتري للناس ، كان له اجرة ما يبيع ، من جهة البائع ، إن كان وكيلا له ، واجرة على ما يشتري ، من جهة المبتاع ، لأنّه وكيله في عقد الشراء بالقبول.
ولا يجوز له أن يأخذ على سلعة واحدة أجرين ، من البائع والمشتري ، لأنّ العقد لا يكون إلا بين اثنين ، لأنّه يحتاج إلى إيجاب وقبول ، بل يأخذ الأجرة ممن يكون عاقدا له ، ووكيلا له ، إمّا في الإيجاب ، وإمّا في القبول ، فليلحظ ذلك.
ولا يظن ظانّ على شيخنا أبي جعفر ، فيما ذكره في نهايته ، في قوله : « فإن كان ممّن يبيع ويشتري للناس ، كان له اجرة على ما يبيع ، من جهة البائع ، واجرة على ما يشتري من جهة المبتاع » (١) انّ المراد بذلك في سلعة واحدة يستحق أجرين ، وإنما المراد بذلك ، أن من كان ذلك صنعته ، يبيع تارة للناس ، ويشتري لهم تارة ، فيكون له اجرة على من يبيع له ، في السلعة المبتاعة ، فإن اشترى للناس سلعة غيرها ، كان له اجرة على من اشترى له تلك السلعة ، لا أنّه يشتري سلعة واحدة ، ويبيعها في عقد واحد ، لأنّ المشتري غير البائع ، والبائع غير المشتري ، وانّما مقصود شيخنا ما نبهنا عليه ، فليتأمّل ذلك.
وإذا دفع الإنسان إلى السمسار متاعا ، ولم يأمره ببيعه ، فباعه ، كان البيع باطلا وقال شيخنا في نهايته : كان بالخيار بين إمضاء البيع ، وبين فسخه (٢).
__________________
(١) و (٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب اجرة السمسار والدلال.