صلاحها ، فللبائع ما أغلت ، دون ما انعقد عليه البيع من الثمن.
والذي يقوى في نفسي الأوّل ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله في استبصاره (١) وتهذيبه (٢) ، ومذهب شيخنا المفيد في مقنعته (٣) ، والثاني خيرة شيخنا أبي جعفر في نهايته (٤) ، إلا أنّه رجع عنه في استبصاره ، كما حكيناه عنه ، لمّا جمع بين الأخبار ، ونقدها ، وتوسط بينها ، والثالث مذهب سلار ، ومن قال بقوله.
والذي يدلّ على صحة ما اخترناه ، قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع ، فمن منع منه ، يحتاج إلى دليل ، فإن قيل هذا غرر ، والرسول عليهالسلام نهى عن الغرر ، قلنا : معاذ الله أن يكون غررا ، بل هذا بيع عين مرئية مملوكة ، يصح الانتفاع بها ، أو يؤول إلى الانتفاع ، وقوله تعالى ( إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٥) وهذه تجارة عن تراض ، والأخبار في ذلك كثيرة جدا (٦) ، وربما بلغت حدّ التواتر ، وما روي بخلاف ذلك ، يحمل على الكراهة ، لئلا تتناقض الأدلة.
والذي يبطل اختيار سلار ومن اختار سلار قوله قول الله سبحانه « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » فأمر الله تعالى بالوفاء بالعقود ، والأمر في عرف الشريعة يقتضي الوجوب ، ومن راعى ما راعى سلار ما وفي بالعقود ولا امتثل الأمر.
فأمّا بيع ثمرة النخل وغيره سنة واحدة ، من قبل أن يخلق فيها شيء من الطّلع ، ولا ظهر ، فلا يجوز عندنا إجماعا ، وكذلك عند المخالف ، وكذلك لا يجوز بيعها قبل أن تطلع سنتين ، بغير خلاف بيننا وبين المخالفين ، وانّما يجوز عندنا خاصة ، بيعها إذا اطلعت قبل بدو الصلاح سنتين ، وعند المخالفين لمذهب أهل
__________________
(١) الإستبصار : ج ٣ ، باب متى يجوز بيع الثمار من كتاب البيوع ، ص ٨٨.
(٢) التهذيب : ج ٧ ، باب بيع الثمار ، ص ٨٨.
(٣) المقنعة : أبواب المكاسب ، باب بيع الثمار ص ٦٠٢
(٤) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الثمار.
(٥) النساء : ٢٩.
(٦) الوسائل : الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٢ ـ ٨ ـ ١٣ ـ ١٧ وغيرها ممّا يوجد في أبواب الثمار من كتاب التجارة.