وآله من جملة ما حرّم من المزابنة ، وواحدة العرايا عريّة فعيلة بمعنى مفعولة ، من عراه يعروه ، ويحتمل أن يكون عرى يعرى ، كأنّها عريت من جملة التحريم ، فعريت أي خلت وخرجت ، فهي فعيلة بمعنى فاعلة ، ويقال : هو عرو من هذا الأمر أي خلو منه.
قال محمّد بن إدريس : فهذا جملة ما وقفت عليه في تفسير العرايا ، وأشدّه تحقيقا قول الهروي.
ويجوز للإنسان أن يبيع ثمرة بستان ، ويستثني منها أرطالا معلومة ، ولا مانع منه ، وإن استثنى ربعه أو ثلثه أو نخلات بأعيانها جاز بلا خلاف ، وهو أحوط ، وإن باع ثمرة بستانه إلا نخلة لم يعينها لم يصحّ : لأنّ ذلك مجهول.
إذا قال : بعتك هذه الثمرة بأربعة آلاف إلا ما يخصّ ألفا منها صحّ ، ويكون المبيع ثلاثة أرباعها ، لأنّه يخصّ ألفا منها ربعها ، وإن قال : بعتك هذه الثمرة بأربعة آلاف إلا ما يساوي ألفا منها بسعر اليوم لم يجز ، لأنّ ما يساوي ألف درهم من الثمرة لا يدري قدره ، فيكون مجهولا.
ومتى اشترى الثمرة فهلكت لم يكن للمبتاع رجوع على البائع ، فإن كان قد استثنى من ذلك شيئا كان له من ذلك بحسابه ، من غير زيادة ولا نقصان.
وإذا مرّ الإنسان بشيء من الفواكه جاز له أن يأكل منها مقدار كفايته من غير إفساد ، ما لم يمنعه صاحبها من ذلك ، ولا يجوز له أن يحمل منها شيئا معه على حال إلا بإذن صاحبه ، وهذا يكون إذا لم يقصد من يأكل منها الممر إليها من أول مضيّه ، بل قصد المضي إلى غيرها ثمّ اجتاز بها فدخلها.
وقد روي أنّه إذا كان بين نفسين نخل أو شجر فاكهة ، فقال أحدهما لصاحبه : أعطني هذا النخل بكذا وكذا رطلا ، أوخذ مني أنت بذلك ، فأيّ الأمرين فعل كان جائزا ، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (١).
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الثمار.