قوله عليهالسلام : الشفعة في ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة (١) ولا يعارض ذلك بما روي من قوله عليهالسلام : الجار أحق بسقبه (٢) لأنّ في ذلك إضمارا ، وإذا أضمروا أنّه أحق بالأخذ بالشفعة ، أضمرنا أنّه أحق بالعرض عليه ، ولأنّ المراد بالجار في الخبر ، الشريك ، لأنّه خرج على سبب يقتضي ذلك.
فروى عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، قال : بعت حقا من أرض لي فيها شريك ، فقال شريكي : أنا أحق بها ، فرفع ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال : الجار أحقّ بسقبه (٣).
والزوجة تسمّى جارا ، لمشاركتها الزوج في العقد ، قال الأعشى : أيا جارتي بيني فإنّك طالقة وهي تسمّى بذلك عقيب العقد ، وتسمّى به وإن كانت بالشرق ، والزوج بالغرب ، فليس لأحد أن يقول : إنّما سمّيت بذلك لكونها قريبة مجاورة ، فقد صار اسم الجار يقع على الشريك لغة وشرعا.
واشترطنا أن يكون واحدا ، لأنّ الشيء إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين ، فباع أحدهم ، لم يستحق شريكه الشفعة ، بدليل الإجماع من أصحابنا ، ولأنّ حقّ الشفعة حكم شرعي يفتقر ثبوته إلى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدل على ذلك هاهنا ، وعلى هذا إذا كان الشريك واحدا ووهب بعض السهم ، أو تصدّق به ، وباع الباقي من الموهوب له ، أو المتصدّق عليه ، لم يستحق فيه الشفعة.
واشترطنا أن يكون مسلما ، إذا كان المشتري كذلك ، تحرزا من الذمي ،
__________________
(١) المستدرك : الباب ٣ من أبواب الشفعة ، ح ٧.
(٢) التاج : ج ٢ ، كتاب البيوع .. ص ٢١٧ ، سنن النسائي : كتاب البيوع ، ذكر الشفعة وأحكامها ، ج ٧ ، ص ٣٢٠.
(٣) لم نقف عليه في صحاحهم. بل في سنن ابن ماجة : الباب ٢ من كتاب الشفعة ، ( الرقم : ٢٤٩٦ ) عن عمرو بن شريد ، عن أبيه شريد بن سويد ، « قلت : يا رسول الله : أرض ليس فيها لأحد قسم ولا شرك إلا الجوار ، قال : أحق بسقيه ». ورواه أحمد بن حنبل في مسنده في حديث شريد بن سويد ( ج ٤ ، ص ٣٨٩ ). وروى مثله النسائي في سننه في آخر كتاب البيوع ، باب ذكر الشفعة وأحكامها.