كتاب الصحاح : غلق الرهن غلقا ، إذا استحقه المرتهن ، وذلك إذا لم يفتكّ (١) في الوقت المشروط ، وفي الحديث : لا يغلق الرهن ، قال زهير :
وفارقتك برهن لا فكاك له |
|
يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا (٢) |
ويحتج على المخالف بقوله عليهالسلام : « الخراج بالضمان » (٣) وخراجه إذا كان للراهن بلا خلاف ، وجب أن يكون من ضمانه ، ولا يعارض ذلك ، بما رووه من أنّ رجلا رهن فرسه عند إنسان ، فنفق ، فسأل المرتهن النبي عليهالسلام عن ذلك ، فقال : ذهب حقّك (٤) ، لأنّ المراد بذلك ، ذهب حقّك من الوثيقة ، لا من الدين ، وقلنا ذلك لوجهين ، أحدهما أنّه وحّد الحقّ ، ولو أراد ذهاب الدين والوثيقة معا ، لقال : ذهب حقّاك ، والثاني أنّ الدين إنّما يسقط عند المخالف ، إذا كان مثل قيمة الرهن أو أقل ، ولا يسقط الزيادة منه ، إذا كان أكثر ، فلو أراد ذهاب حقه من الدين ، لاستفهم عن مبلغه وفصّل في الجواب.
وقولهم : « سقوط الحقّ من الوثيقة ، معلوم بالمشاهدة ، فلا فائدة في بيانه » غير صحيح ، لأنّ تلف الرهن لا يسقط حقّ المرتهن من الوثيقة على كل حال ، بل إذا أتلفه الراهن ، أو أتلفه أجنبيّ ، فإنّ القيمة تؤخذ وتجعل (٥) رهنا مكانه ، فأراد عليهالسلام ، أن يبيّن أنّ الرهن إذا تلف من غير جناية سقط حق الوثيقة.
وإذا ادّعى المرتهن هلاك الرهن ، كان القول قوله مع يمينه ، سواء ادّعى ذلك بأمر ظاهر ، أو خفي ، والدليل عليه إجماع أصحابنا بغير خلاف بينهم ، وأيضا فقد بيّنا أنّه أمانة في يده ، فإذا كان كذلك ، فالقول قوله في هلاكه.
وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الاحتياط والتفريط ، وفقدت البيّنات ،
__________________
(١) ج : لم يفكّ.
(٢) الصحاح : ج ٤ ، ص ١٥٣٨.
(٣) سنن النسائي : كتاب البيوع ، الخراج بالضمان ، ج ٧ ، ص ٢٥٥.
(٤) سنن البيهقي : كتاب الرهن ، الباب ٦ ( من قال الرهن مضمون ) ، ج ٦ ، ص ٤١ ، ح ٣.
(٥) ج : فإنّ الذي يؤخذ يجعل.