مملوكا له في حياته ، أو مالا مستحقا بسببه ، على ما قلناه في قتل الخطإ ، لأجل الإجماع ، والأخبار على قتل الخطأ ، لأن موجبه المال ، وقتل العمد المحض ، لا مال ، ولا موجبه المال ، فمن أين يستحق صاحب الدين المال ، ويمنع من القود حتى يأخذ المال.
وقد أورد شيخنا أبو جعفر في تهذيب الأحكام خبرا فحسب ، في هذا المعنى في باب الديون وأحكامها ، وهو : الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام ، عن رجل قتل ، وعليه دين ، ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدّية من قائله ، أعليهم أن يقضوا الدين ، قال : نعم ، قال : قلت وهو لم يترك شيئا ، قال عليهالسلام : إنّما أخذوا الدية ، فعليهم أن يقضوا عنه الدين (١).
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : وليس في هذا الحديث ـ إذا تلقى بالقبول وسلم ما ينافي ما قلناه ، لأنّه ما قال قتل عمدا محضا ، وانّما قال أخذوا أهله الدّية ، وهذا يدلّ على أنّ القتل كان موجبه الدّية ، دون القود ، لأنّ أهله لا يأخذون الدّية بنفس القتل إلا في قتل الخطأ ، وقتل العمد شبيه الخطأ ، فالخبر دليل لنا ، لا علينا.
فإن قيل : قد قال في الخبر ، فأخذ أهله الدّية من قاتله ، ولو كان القتل خطأ محضا ، ما أخذوا الدّية من قاتله ، بل كانوا يأخذونها من عاقلته دونه ، بغير خلاف.
قلنا : يأخذونها أيضا عندنا من القاتل ، في القتل العمد شبيه الخطأ ، دون العاقلة ، فنخص هذه المواضع بقتل يوجب المال ، وهما قتلان ، قتل خطأ محض ، وقتل عمد شبيه الخطأ ، وانّما منعنا من القتل العمد المحض الذي لا يوجب المال ، بل موجبه القود ، فحسب ، للأدلّة القاهرة المقدّم ذكرها ، وأعطينا الظاهر حقّه ، لئلا تتناقض الأدلة ، كما يعمل في آيات القران ذلك.
__________________
(١) التهذيب : الباب ٨١ من كتاب الديون ، ح ٤١ / ٤١٦ ، ج ٦ ص ١٩٢.