أن يخبر عنه ثمّ يخبر عنه ، فكأنّه نفى الاقتصار عليه ، فأخبر به ، وبغيره مرة أخرى.
وإن كان ناقصا عنه ، لزمه الأول دون الثاني ، كقوله : عليّ عشرة دراهم ، لا بل تسعة دراهم ، لأنّه أقرّ بالعشرة ، ثمّ رجع عن بعضها ، فلم يصح رجوعه ، ويفارق ذلك إذا قال : له عليّ عشرة دراهم إلا درهما ، لأنّ للتسعة عبارتين ، إحداهما لفظ التسعة ، والأخرى لفظ العشرة مع استثناء الواحد ، فبأيّهما أتى فقد عبّر عن التسعة.
إذا قال : لفلان عليّ درهم ودرهم إلا درهما ، فعلي ما يذهب إليه أنّ الاستثناء إذا تعقّب جملا معطوفة بعضها على بعض بالواو ، فإنّه يرجع إلى الجميع يجب أن نقول أنّه يصح ، ويكون إقرارا بدرهم ، ومن قال : يرجع إلى ما يليه ، فإنّه يبطل الاستثناء ، ويكون إقرارا بدرهمين ، لأنّه إذا رجع إلى ما يليه وهو درهم ، لا يجوز أن يستثني درهما من درهم ، لأنّ ذلك استثناء الجميع ، وذلك فاسد ، فيبطل الاستثناء ، ويبقى ما أقرّ به وهو درهم ودرهم الذي عطف عليه.
وإن كان ما استدركه من غير جنس الأوّل ، كقوله : عليّ درهم ، لا بل دينار ، أو قفيز حنطة ، لا بل قفيز شعير ، لزمه الإقرار ان معا ، لأنّ ما استدركه لا يشتمل على الأول ، فلا يسقط برجوعه عنه ، لأنّه غير داخل فيه.
وإن كان ما أقرّ به أولا وما استدركه متعينين بالإشارة إليهما ، أو بغيرها ممّا يقتضي التعريف ، لزمه أيضا الأمران ، سواء كانا من جنس واحد ، أو من جنسين ، أو متساويين في المقدار ، أو مختلفين ، لأنّ أحدهما والحال هذه ، لا يدخل في الآخر ، ولا يقبل رجوعه عما أقرّ به أولا ، كقوله : هذه الدراهم لفلان ، لا بل هذا الدينار ، أو هذه الجملة من الدراهم ، لا بل هذه الأخرى.
وإذا قال : له عليّ ثوب في منديل ، لم يدخل المنديل في الإقرار ، لأنّه يحتمل أن يريد في منديل لي ، فلا يلزم من الإقرار إلا المتيقن ، دون المشكوك فيه ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، وكذا القول في كلّ ما جرى هذا المجرى ، مثل أن يقول : غصبته سمنا في ظرف ، أو حنطة في غرارة ، وما أشبه ذلك.