يؤدّي إلى إسقاطها ، لم يحكم بها ، قال رحمهالله ، وهذا على مذهبنا أيضا ، لا تقبل شهادتهما ، لأنّا لو قبلناها ، لرجعا رقين ، وتكون شهادتهما على المولى ، وشهادة العبد لا تقبل على مولاه ، فلذلك بطل ، لا لما قالوا (١) هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطة.
قال محمّد بن إدريس : ما ذهب إليه شيخنا رحمهالله في ذلك ، غير واضح ، بل هو ضد لما عليه إجماعنا وتواتر أخبارنا (٢) بغير خلاف ، وقد أورد ذلك في نهايته (٣) ، إنّ شهادتهما مقبولة.
وما اعتل به غير مستقيم ، لأنّهما في حال شهادتهما وإقامتها وسماع الحاكم لها لم يكونا عبدين ، بل كانا حرين على ظاهر الحال ، بغير خلاف ، فما شهدا في حال ما شهدا وأقاما ، إلا على غير سيدهما ، فلا يؤثر بعد ذلك ما يتعقب الشهادة ، لأنّ المؤثرات في وجوه الأحكام ، لا يكون لها حكم ، إلا أن تكون مقارنة غير متأخرة ، بل إن قيل : إنّ شهادتهما لسيدهما الحقيقي لا عليه ، كان صحيحا ، ومثل هذه المسألة بل هي بعينها من الحكم منصوصة لأصحابنا ، الرواية بها متواترة ، لا يتعاجم في ذلك اثنان من أصحابنا.
وأيضا فالشاهد إذا شهد عند الحاكم ، وكان وقت شهادته مقبول الشهادة ، لا يؤثّر بعد ذلك ما يطرأ عليه من تجدد فسق ، بل يجب على الحاكم الحكم بشهادته ، فلو شرب بعد إقامة شهادته بلا فصل خمرا ، وقبل الحكم بها ، فإنّ الحاكم يحكم بها ، ولا يطرحها بغير خلاف بيننا ، إلا أن يرجع الشاهد عنها قبل الحكم بها ، فيطرحها الحاكم إذا كان رجوعه قبل الحكم بها ، فأمّا إذا كان رجوعه عنها بعد الحكم بها ، فلا يرجع الحاكم عن الحكم بها ، ولا ينقض حكمه.
__________________
(١) المبسوط : ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ٤٢.
(٢) الوسائل : الباب ٢٣ ، ح ٧ ، والباب ٢٩ ، ح ١ ، من أبواب الشهادات.
(٣) النهاية : كتاب الشهادة ، باب شهادة العبيد والإماء ، والعبارة هكذا : وإذا شهد العبد على سيّده بعد أن يعتق قبلت شهادته عليه.