برضى منهما ، فإن عقد عليها كانت العمة والخالة مخيّرة بين إمضاء العقد وبين الاعتزال ، فإن أمضت كان ماضيا على ما روي (١) ، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنّه يحتاج إلى عقد ثان ، إذا عقد من غير اذنها ثمّ رضيت ، لا يكفي رضاها ، بل يحتاج إلى عقد مستأنف ، لأنّ ذلك العقد الأول منهيّ عنه ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه ، فإن اعتزلت واعتدت كان ذلك فراقا بينها وبين الزوج ، ومغنيا عن الطلاق ، ولا يستحق في هذه العدّة عليه نفقة ، لأنّها عدة فسخ ، وله أن يتزوج بأختها في الحال. ولا يجوز له أن يستبيح وطء بنت الأخ أو بنت الأخت إلا بعقد مستأنف على ما قدّمناه ، لأنّ العقد الأوّل وقع فاسدا.
ولا بأس بالعقد على العمة والخالة وعنده بنت الأخ أو بنت الأخت ، وإن لم ترضيا بذلك على ما قدّمناه.
وحكم العمة والخالة من جهة الرضاع حكمهما من جهة النسب على السواء.
ولا يجوز للرجل أن يعقد على أمة وعنده حرّة إلا برضاها ، فإن عقد عليها من غير رضاها كان العقد باطلا بغير خلاف ، فإن أمضت الحرة العقد مضى ، ولم يكن لها بعد ذلك اختيار ، وقد قلنا ما عندنا في ذلك ، وإن أبت واعتزلت وصبرت إلى انقضاء عدّتها ، كان ذلك فراقا بينها وبين الزوج ، ولا تحل له الأمة بالعقد الأول ، بل لا بدّ من عقد ثان ، لأنّ الأول وقع باطلا ، لأنّه قبل الرضا والإذن ، وذلك منهي عنه ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه.
وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان : من شرط صحّة العقد على الأمة عند أكثر الفقهاء أن لا يكون عنده حرة ، وهكذا عندنا إلا أن ترضى الحرة بأن يتزوج عليها أمة ، فإن أذنت كان العقد صحيحا عندنا ، ومتى عقد عليها بغير إذن
__________________
(١) لم نقف عليها في المجاميع الروائية ، ولعلّ ظاهر عبارة المتن أيضا أنّها لم ترد إلا في نهاية الشيخ.
(٢) النهاية : كتاب النكاح ، باب ما أحلّ الله النكاح وما حرّم منه.