ومتى حصل الرضاع على الصفة التي ذكرناها فإنّه بمنزلة النسب ، يحرم منه ما يحرّم من النسب ، إلا أنّ النسب منه يراعى من جهة الأب خاصة ، دون الام ، ومعنى ذلك ، انّ المرأة إذا أرضعت صبيا بلبن بعل لها ، وكان لزوجها عدة أولاد من أمهات شتّى ، فإنّهم يحرّمون كلّهم على الصبيّ المرتضع ، ولادة كانوا أو رضاعا ، فأمّا اخوته المنتسبون إلى امه المرضعة ، فإنّما يحرم عليه منهم من كان منها ولادة ، دون الرضاع ، لاختلاف لبن الفحلين.
مثاله أنّه لو أرضعت امرأة صبيا من غيرها ، بلبن بعل لها ، وكان للمرأة بنت برضاع من غير ذلك البعل ، لحلّ التناكح بين الابن والبنت ، ولم يحرّم ذلك الرضاع ، لاختلاف لبن الفحلين ، فإن كان رضاعها لابن القوم بلبن من أبي بنتها التي هي منسوبة إليها بالرضاع ، دون الولادة ، حرّم ذلك التناكح بينهما على ما بيّناه ، لأنّ اللبن هاهنا لبن فحل واحد.
وان كان لامه من الرضاع بنت من غير أبيه من الرضاع ، فهي أخته لأمّه عند المخالفين من العامة ، لا يجوز له أن يتزوجها ، وقال أصحابنا الإمامية بأجمعهم : يحلّ له تزويجها ، لأنّ الفحل غير الأب ، وبهذا فسّروا قول الأئمة عليهمالسلام في ظواهر النصوص ، وألفاظ الأخبار المتواترة ، « أن اللبن للفحل » (١) يريدون بذلك لبن فحل واحد. فأمّا إذا كان فحلان ولبنان ، فلا تحريم.
فأمّا إذا كانت لها بنت من غير هذا الفحل ولادة ، فلا خلاف أنّها تحرم.
وإن كان لها بنت من زوجها ، فهي أخته لأبيه وامّه.
وأمّا زوج المرضعة ، فهو الفحل الذي له اللبن ، وهو أبوه من الرضاع ، وأخوه عمّه ، وأخته عمته ، وآباؤه أجداده ، فإن كان لهذا الفحل ولد من غير هذه المرضعة ، فهو اخوه لأبيه ، وإن كان له ولد من هذه المرضعة ، فهو اخوه لأبيه
__________________
(١) الوسائل : الباب ٦ من أبواب ما يحرم بالرضاع.