والجد من قبله ، إلا أنّ لولاية الجد رجحانا وأولوية هنا بغير خلاف بين أصحابنا ، إلا من شيخنا أبي جعفر في نهايته (١) ، فإنّه يجعل ولاية الجد مرتبطة بحياة الأب في هذه الحال.
والصحيح أنّ ولايته بعد الأب باقية ثابتة في مالها وغيره ، والأصل بقاؤها ، فمن أزالها يحتاج إلى دليل قاهر.
والجد له مزية في هذه الحال ، بأن يختار هو رجلا ، ويختار أبوها رجلا ، فالأولى أن يقدّم من اختاره الجد ، فان بادر الأب في هذه الحال ، وعقد على من اختاره ، فعقده ماض ، فأمّا إن عقدا معا لرجلين في حالة واحدة ، فإنّ العقد عقد الجد ، ويبطل عقد الأب بغير خلاف في ذلك أجمع.
فأمّا عقدهما عليها بعد بلوغها التسع سنين ، وهي رشيدة مالكة لأمرها وهي بكر غير ثيب ، فإنّ أصحابنا مختلفون في ذلك على قولين.
منهم من يقول عقدهما ماض ، وولايتهما باقية ثابتة لم تزل ، ويسوى بين الحالين ، إلا أنّ هاهنا ولاية الجد مرتبطة بحياة الأب ، فإذا مات الأب عند هذه الحال بطلت ولاية الجد ، وصار كالأجانب ، فليلحظ ذلك ويتأمّل ، ففيه غموض ، وهو قول شيخنا أبي جعفر في نهايته (٢) ومعظم كتبه (٣).
ومنهم من يفرّق بين الحالين ، ويزيل ولايتهما في هذه الحال ، وهم الأكثرون المحصلون من أصحابنا ، ويجعلون أمرها بيدها ، ولا يمضون عقدهما عليها ، والحال ما ذكرناه إلا برضاها ، فإن لم ترض وأظهرت الكراهة ، بطل العقد وانفسخ ، وهو قول شيخنا المفيد في كتابه أحكام النساء (٤) ، وقول السيّد المرتضى.
وإلى هذا القول أذهب وعليه أعتمد ، وبه أفتى ، لوضوحه عندي ، ويقويه النظر والاعتبار ، والمحقق من الأخبار ، وقوله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ
__________________
(١) و (٢) النهاية : كتاب النكاح ، باب من يتولى العقد على النساء.
(٣) الخلاف : كتاب النكاح ، المسألة ١٧.
(٤) لم نعثر عليه.