حذيفة ، وابن شبرمة ، أنّه الزوج ، وروي ذلك أيضا في أخبارنا ، غير أنّ الأوّل أظهر ، وهو المذهب ، وفيه خلاف بين الفقهاء ، ومن جعل العفو للزوج ، قال : له أن يعفو عن جميع نصفه ، ومن جعله للوليّ قال أصحابنا : له أن يعفو عن بعضه ، وليس له أن يعفو عن جميعه ، وإن امتنعت المرأة من ذلك ، لم يكن لها ذلك ، إذا اقتضت المصلحة ذلك ، عن أبي عبد الله واختار الجبائي أن يكون المراد به الزوج ، قال : لأنّه ليس للوليّ أن يهب مال المرأة (١) هذا آخر كلامه في كتابه التبيان.
والذي يقوى في نفسي ويقتضيه أصول المذهب ، ويشهد بصحته النظر والاعتبار ، والأدلة القاهرة ، والآثار ، أنّ الأب أو الجد من قبله مع حياته أو موته ، إذا عقدا على غير البالغ ، فلهما أن يعفوا عما تستحقه من نصف المهر بعد الطلاق ، إذا رأيا ذلك مصلحة لها ، وتكون المرأة وقت عفوهما غير بالغ ، فأمّا من عداهما ، أو هما مع بلوغها ورشدها ، فلا يجوز لهما العفو عن النصف ، وصارا كالأجانب ، لأنّهما في هذه الحال لا ولاية لهما عليها ، وهي الوالية على نفسها ، ولا يجوز لأحد التصرف في مالها بالهبة والعفو وغير ذلك إلا عن إذنها ، لأنّ التصرف في مال الغير لا يجوز عقلا وسمعا ، إلا بإذنه ، وليس في الآية إن تعلّق بها متعلّق سوى ما ذكرناه ، لأنّه تعالى قال « إِلّا أَنْ يَعْفُونَ » فدلّ بهذا القول أنهن ممن لهن العفو ، وهن الحرائر البالغات الواليات على أنفسهن في العقد والعفو والبيع والشراء وغير ذلك ، ثمّ قال « أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ » معناه إن لم يكنّ بالغات ولا واليات على أنفسهن ، فعند هذه الحال لا يلي عليهن عندنا سوى الأب والجد بغير خلاف بيننا ، وهما الواليان عليهن والناظران في عقد نكاحهن ، فلهما العفو بعد الطلاق عما تستحقه ، ولأنّ الإجماع حاصل منعقد على ما ذكرناه ، وفيما عداه خلاف ، فالاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، ودليل
__________________
(١) التبيان : ج ٢ ، ص ٢٧٣ و ٢٧٤ في تفسير آية ٢٣٧ من سورة البقرة.