قرآن ، أو شعر مباح ، أو بناء أو خياطة ثوب ، وغير ذلك ممّا له اجرة ، واستثنى أصحابنا من جملة ذلك الإجارة ، وقالوا : لا يجوز ، لأنّه كان يختص بموسى عليهالسلام ، ثمّ قال في استدلاله : دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا روى سهل بن سعد الساعدي أنّ امرأة أتت النبي عليهالسلام ، فقالت : يا رسول الله انّي قد وهبت نفسي لك ، فقامت قياما طويلا ، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك فيها حاجة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل عندك من شيء تصدقها إيّاه؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا ، فقال النبيّ عليهالسلام : إن أعطيتها إيّاه جلست ولا إزار لك ، فالتمس شيئا ، فقال : ما أجد شيئا ، فقال له رسول الله : هل معك من القرآن شيء؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا ، وسماهما ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد زوجتكها بما معك من القرآن (١) ، وظاهره أنّه جعل القرآن الذي معه صداقا ، وهذا لا يمكن ، فثبت أنّه إنّما جعل الصداق تعليمها إيّاه ، وروى عطاء ، عن أبي هريرة ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لرجل : ما تحفظ من القرآن؟ قال : سورة البقرة ، والتي تليها ، قال : قم ، فعلّمها عشرين آية ، وهي امرأتك (٢) هذا آخر كلامه في مسائل خلافه.
قال محمّد بن إدريس : ما بين قوله رحمهالله في نهايته ، وبين قوله في مسائل خلافه ، تضاد ولا تناف ، لأنّه قال في نهايته : ولا يجوز العقد على اجارة « وهو أن يعقد الرجل على امرأة ، على أن يعمل لها أو لوليّها أياما معلومة ، أو سنين معيّنة » فأضاف العمل إليه بعينه ، على ما قدّمناه وحرّرناه ، فامّا قوله في مسائل خلافه : « يجوز أن يكون منافع الحر مهرا مثل تعليم قرآن ، أو شعر مباح ، أو بناء ، أو خياطة ثوب ، وغير ذلك ممّا له اجرة » يريد بذلك أن لا تكون الإجارة معيّنة بنفس الرجل ، بل تكون في ذمّته يحصّلها إمّا بنفسه ، أو بغيره ، وذلك جائز على ما بيّناه ، فليلحظ ذلك.
__________________
(١) مستدرك الوسائل الباب ٢ من أبواب المهور ، ح ٢.
(٢) الخلاف : كتاب الصداق : المسألة ٣.