ومتى عقد الرجل على أكثر من ذلك ، بأضعاف كثيرة لزمه الوفاء به ، على الكمال ، على ما قدّمناه فيما مضى.
وروي (١) أنّه يستحب للرجل أن لا يدخل بامرأته حتى يقدّم لها مهرها ، فان لم يفعل ، قدّم لها شيئا من ذلك ، أو من غيره من الهدية ، يستبيح به فرجها ، ويجعل الباقي دينا عليه ، هكذا ذكره شيخنا في نهايته (٢).
قال محمّد بن إدريس : قوله رحمهالله ، يستبيح به فرجها ، غير واضح ، وانّما الذي يستبيح به الفرج ، هو العقد من الإيجاب والقبول ، دون ما يقدّمه من المال المذكور ، فانّ تقديمه كتأخيره بلا خلاف.
ومتى سمّى المهر حال العقد ، ودخل بها ، كان في ذمته ، وإن لم يكن سمّى لها مهرا وأعطاها شيئا قبل دخوله بها ، ثمّ دخل بها بعد ذلك ، لم تستحق عليه شيئا سوى ما أخذته منه قبل الدخول ، سواء كان ذلك قليلا أو كثيرا ، على ما رواه أصحابنا ، وأجمعوا عليه ، فانّ دليل هذه المسألة هو الإجماع المنعقد منهم بغير خلاف ، وفيه الحجة ، لا وجه لذلك إلا الإجماع.
فان لم يعطها شيئا قبل الدخول بها ، ولم يسم مهرا في حال العقد ، ثمّ دخل بها لزمه مهر المثل ، والمعتبر بمهر المثل راجع إلى النساء في الشرف والجمال ، والأحوال ، والعادات ، والبلدان ، والأزمان ، والثيبوبة ، والبكارة ، ما لم يتجاوز بذلك خمسمائة درهم جيادا ، فإن كان مهور أمثالها أكثر من الخمسمائة ، ردّ إلى الخمسمائة.
ومتى طلّق الرجل امرأته التي قد سمّى لها مهرا قبل الدخول بها ، كان عليه نصف الصداق المسمّى ، فإن كان قد قدّم لها المهر كملا ، رجع عليها بنصف ما أعطاها ، إذا لم يزد زيادة منفصلة ، فإن كان ذلك قد زاد زيادة منفصلة ، رجع عليها في العين دون النماء ، إلا أن يكون العين حاملة وقت التسليم ، فإنّه يرجع
__________________
(١) الوسائل : الباب ٧ من أبواب المهور ، الا ان روايات الباب كلها دالة على كراهة الدخول قبل إعطاء المهر.
(٢) النهاية : كتاب النكاح ، باب المهور وما ينعقد به النكاح.