ثمّ قال أيضا في نهايته : ولا يجوز للرجل أن يجعل عبده في حلّ من وطء جاريته ، فإن أراد ذلك عقد له عليها عقدا (١).
قال محمد بن إدريس : لا مانع من تحليل عبده وطء جاريته ، من كتاب ، ولا سنّة ، ولا إجماع ، والأصل الإباحة ، بل قوله تعالى ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) (٢) وقوله ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ ، مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) (٣) دليل على صحة ذلك.
ثمّ قال أيضا في نهايته : وينبغي أن يراعى في ما ذكرناه لفظ التحليل ، وهو أن يقول الرجل المالك للأمة لمن يحللها له : « جعلتك في حلّ من وطء هذه الجارية ، أو أحللت لك وطئها » (٤).
قال محمّد بن إدريس : ليس قول شيخنا « رحمهالله » : ينبغي أن يراعى في ما ذكرناه لفظ التحليل ، بمانع من غيره من الألفاظ ، وهو قوله : أبحتك وطئها ، ولا منع منه.
وإنّما قال : ولا يجوز لفظ العارية في ذلك (٥) لشناعة المخالف علينا ، فإنّهم يقولون : هؤلاء يعيرون الفروج ، يريدون بذلك في الحرائر ، معاذ الله أن نقول ذلك ، وانّما يتخرصون علينا بما لا نقوله ولا نذهب بحمد الله إليه ، فتحرّز أصحابنا ـ خوفا من الشناعة ـ فقالوا : ولا يجوز لفظ العارية في ذلك ، حراسة من التشنيع ، وقد قلنا فيما مضى ، أنّ ذلك تمليك منافع ، كتمليك منافع الدار والفرس وغير ذلك.
وقد ذهب شيخنا في مبسوطة في باب العارية إلى ما اخترناه ، فقال : ولا يجوز إعارة الجارية للاستمتاع بها ، لأنّ البضع لا يستباح بالإعارة ، وحكى عن مالك جواز ذلك ، وعندنا يجوز ذلك بلفظ الإباحة ، ولا يجوز بلفظ العارية (٦) هذا آخر كلامه في مبسوطة.
وإذا كان الرجل مالكا لنصف الجارية ، والنصف الآخر منها يكون حرّا ، لم
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب السراري ، وملك الايمان.
(٢) النساء : ٢٥.
(٣) النور : ٣٢.
(٤) و (٥) النهاية : كتاب النكاح ، باب السراري ، وملك الايمان.
(٦) المبسوط : ج ٣ ، كتاب العارية ، ص ٥٧.