قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : فإن كتب بيده أنّه طلّق امرأته وهو حاضر ليس بغائب ، لم يقع الطلاق ، فإن كان غائبا فكتب بيده أنّ فلانة طالق ، وقع الطلاق ، وإن قال لغيره : اكتب إلى فلانة امرأتي بطلاقها ، لم يقع الطلاق ، فإن طلّقها بالقول ، ثمّ قال لغيره : اكتب إليها بالطلاق ، كان الطلاق واقعا بالقول دون الأمر (١).
قال محمّد بن إدريس : لا يقع الطلاق إذا كتب بخطه أنّ فلانة طالق ، وإن كان غائبا بغير خلاف من محصّل ، لأنّا نراعي لفظا مخصوصا يتلفظ به المطلّق ، ومن كتب فما تلفظ بغير خلاف ، والأصل بقاء العقد وثبوته ، فمن أوقع بالكتابة طلاقا وفرقة ، يحتاج إلى دليل.
وشيخنا أبو جعفر فقد رجع عمّا قاله في نهايته في مسائل خلافه ، فقال : مسألة ، إذا كتب بطلاق زوجته ولم يقصد الطلاق ، لا يقع بلا خلاف ، فإن قصد به الطلاق فعندنا أنّه لا يقع به شيء ، ثمّ قال : دليلنا إجماع الفرقة ، وأيضا الأصل بقاء العقد ، ولا دليل على وقوع الطلاق بالكتابة (٢) هذا آخر كلامه في مسائل خلافه.
وقال في نهايته : وإذا وكل الرجل غيره بأن يطلق عنه ، لم يقع طلاقه ، إذا كان حاضرا في البلد ، فإن كان غائبا جاز توكيله في الطلاق (٣).
قال محمّد بن إدريس : يصحّ التوكيل في الطلاق حاضرا كان الموكل أو غائبا ، بغير خلاف بين المسلمين ، وقد استوفينا الكلام على ذلك في باب الوكالة (٤) بما أغنى عن إعادته.
ومن أراد عزل الوكيل ، فليعلمه ذلك ، فإن لم يمكنه فليشهد شاهدين على عزله ، فإن طلّق الوكيل وكان طلاقه قبل العزل ، وقع طلاقه ، وإن كان بعد العزل كان باطلا.
__________________
(١) و (٣) النهاية : كتاب الطلاق ، باب أقسام الطلاق وشرائطه.
(٢) الخلاف : كتاب الطلاق ، مسألة ٢٩.
(٤) راجع ص ٩٥ من الكتاب.