الكافر ، ولا التكفير ، ثمّ قال في استدلاله : دليلنا أنّ الظهار حكم شرعي لا يصحّ ممن لا يقر بالشرع ، كما لا تصحّ منه الصلاة وغيرها ، وأيضا فإنّ الكفارة لا تصحّ منه ، لأنّها تحتاج إلى نية القربة ، ولا يصحّ ذلك مع الكفر ، وإذا لم تصح منه الكفارة لم يصح منه الظهار ، لأنّ أحدا لا يفرّق بينهما (١).
وقال رحمهالله : يصح الإيلاء من الذمّي ، كما يصحّ من المسلم ، ثمّ استدلّ فقال : دليلنا قوله تعالى ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ ) (٢) وذلك عام في المسلم والذمي (٣).
قال محمّد بن إدريس : فرقه بين المسألتين فرق عجيب ، واستدلاله عليهما ظريف ، ولو قلب وعكس كان أولى ، وهاهنا يحسن قول « أقلب تصب » لأنّ الإيلاء لا يكون إلا بالله تعالى وبأسمائه ، والكافر لا يعرف الله تعالى ، ولا ينعقد يمينه ، ولا نيته في تكفيره ، فالأولى أن لا يصحّ منه الإيلاء ، لأنّ ما احتج به شيخنا على أنّ الظهار لا يصحّ من الكافر قائم في إيلاء الكافر.
والذي يقوى في نفسي أنّ الظهار يصحّ من الكافر ، لقوله تعالى ( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) (٤) وهذا عام في جميع من يظاهر ، وفي مقدوره الخروج منه بالكفارة بأن يسلم ، ويعرف الله تعالى كما أنّه مخاطب بالصلاة والطهارة ، وكذلك المحدث مخاطب بالصلاة ، لأنّ في مقدوره الطهارة (٥) وانّما وجب هذا الحكم لحرمة اللفظة ، وهو قوله : أنت عليّ كظهر أمي ، فهذا اللفظ الذي سمّاه الله تعالى منكرا من القول وزورا ، وقد تلفظ به الكافر ، وقاله ، فيجب أن يتعلّق به أحكامه.
ومنها أن يكون مؤثّرا له ، فلا يصحّ من مكره ولا غضبان لا يملك نفسه.
ومنها أن يكون قاصدا به التحريم ، فلا يقع بيمين ولا مع السهو واللغو.
ومنها أن يكون متلفظا بقوله : أنت عليّ كظهر أمي ، على الصحيح من
__________________
(١) الخلاف : كتاب الظهار ، المسألة ٢.
(٢) البقرة : ٢٢٦.
(٣) الخلاف : كتاب الإيلاء ، المسألة ٢٠.
(٤) المجادلة : ٣.
(٥) ل. ق : الصلاة.