ذلك قال أبعد الأجلين ، لأنّ الرجعية عندنا زوجة ، فتناولها إذا مات عنها زوجها ظاهر القرآن ، من قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (١) وهذا وذر زوجة ، فيجب عليها التربص منذ يوم مات أربعة أشهر وعشرا ، لأنّه تعالى أراد أن يتربصن منذ يوم مات ، فإذا بنت على ما اعتدت من عدّة الطلاق ، ما تربصت منذ يوم مات ، أربعة أشهر وعشرا.
فإذا كان عدّة الطلاق لا يملك فيه الرجعة ، فتتم على ما اعتدت إلى أن تستوفي عدّة الطلاق ، دون عدّة الوفاة ، لأنّه ما مات عن زوجة ، ولا مات لها زوج هي في حباله ، بل هو أجنبي منها ، وهي أجنبية منه ، فهذا الفرق بين الموضعين ، والمميز بين المسألتين.
وعدّة اليهودية والنصرانية ، مثل عدّة الحرّة المسلمة (٢) إذا مات عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام.
وقد قدّمنا أنّ المتوفّى عنها زوجها عليها الحداد إذا كانت حرة فإن كانت امة لم يكن عليها حداد ، هكذا ذكره شيخنا في نهايته (٣).
وقد رجع عنه في مبسوطة ، وقال : يلزمها الحداد ، لعموم الخبر المروي عن الرسول عليهالسلام : لا تحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تحد على أحد فوق ثلاث ، إلا على زوج ، فإنّها تحد أربعة أشهر وعشرا (٤).
وهذا عام وبهذا افتي.
والحداد هو ترك الزينة ، وأكل (٥) ما فيه الرائحة الطيبة ، وشمّه ، ولبس الثياب المزعفرات والملونات التي تدعو النفس إليها ، وتميل الطباع نحوها ، والكحل بأنواع ما يحسن العين ، وكذلك ما يرجل الشعر ويحسنه ، لأنّ الحداد هو
__________________
(١) البقرة : ٢٣٤.
(٢) ج : عدّة المسلمة.
(٣) النهاية : كتاب الطلاق ، باب العدد.
(٤) المبسوط : كتاب العدد ، فصل في الإحداد ، ص ٢٦٥.
(٥) ل. وكل.