فإذا ثبت ذلك ، فالحوالة متعلقة بثلاثة أشخاص ، محيل ، ومحتال ، ومحال عليه ، والثلاثة يعتبر رضاهم في صحة عقد الحوالة ، لأنّه إذا حصل رضا هؤلاء أجمع ، صحت الحوالة بلا خلاف ، وإذا لم يحصل ، فيه خلاف.
وإذا أحاله بدينه على من له عليه دين ، فلا خلاف في صحّة الحوالة ، فأمّا إذا أحاله على من ليس له عليه دين ، فانّ ذلك لا يصح عند المخالف ، ولا خلاف في صحّة ذلك عند أصحابنا معشر الإمامية ، فإذا ثبت ذلك ، تحوّل الحق من ذمة المحيل ، إلى ذمة المحال عليه ، إجماعا الأزفر ، واشتقاق الحوالة يقتضي ذلك ، لأنّها مشتقة من التحويل ، والمعنى ، إذا حكم الشرع بصحته ، وجب أن نعطيه حقّه.
فإذا ثبت ذلك ، فانّ المحتال إذا أبرأ المحيل ، بعد الحوالة ، من الحقّ لم يسقط حقّه عن المحال عليه ، لأنّ المال قد انتقل ، وتحول عنه إلى غيره ، فإذا ثبت أنّ الحق قد انتقل من ذمّته ، فإنّه لا يعود إليه ، سواء بقي المحال عليه على غناه ، حتى أداه ، أو جحده حقّه ، وحلف عند الحاكم ، أو مات مفلسا ، أو أفلس وحجر عليه الحاكم ، إلا أنّ أصحابنا يعتبرون ملاءة المحال عليه ، وقت الإحالة ، الملاءة ، بفتح الميم ، والمد ، أو علم المحال له ، بإعساره ، كما اعتبروا ذلك في الضامن على ما قدّمناه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وان كان له على غيره مال ، فأحال به على غيره ، وكان المحال عليه مليا به ، في الحال ، وقبل الحوالة ، وأبرأه منه ، لم يكن له رجوع عليه ، ضمن ذلك المحال به عليه (١) ، أو لم يضمن ، بعد أن يكون قد قبل الحوالة ، فإن لم يقبل الحوالة ، إلا بعد ضمان المحال عليه ، ولم يضمن من أحيل عليه ذلك ، كان له مطالبة المحيل ، ولم تبرأ ذمّته بالحوالة ، فإن انكشف لصاحب المال ، انّ الذي (٢) أحيل عليه به ، غير ملي بالمال ، بطلت الحوالة ، وكان له
__________________
(١) ج : المحال عليه.
(٢) وفي المصدر : انّ الرجل الذي.