وإذا ادّعى رجل على رجل ، واستحضره الحاكم لمخاصمة المدعي ، كان له أن يحضر (١) ، وكان له أن يقعد ، ويوكل غيره في الخصومة ، رضي خصمه بذلك ، أو لم يرض ، وكذلك إن حضر ، كان له أن يجيب بنفسه ، أو يوكل غيره في الجواب عنه ، ولا يجبر على الجواب بنفسه ، وكذلك للمدّعي ، التوكيل في الخصومة.
وإذا أوجب رجل لرجل عقد الوكالة ، كان بالخيار بين أن يقبل ذلك ، وبين أن يرده ، فلا يقبله ، فإذا أراد أن يقبل في الحال ، كان له ذلك ، وله أن يؤخّر ذلك ، فيقبله. أي وقت أراد ، ولهذا أجمع المسلمون ، على أنّ الغائب إذا وكل رجلا ، ثم بلغ الوكيل ذلك بعد مدّة ، فقبل الوكالة ، انعقدت ، فإذا ثبت هذا ، فله أن يقبل لفظا ، وله أن يقبل فعلا ، مثل أن يتصرف في الشيء الذي وكله فيه.
وكذلك إذا أودعه مالا ، وأحضر المال بين يديه ، فلا فرق بين أن يقبل الوديعة لفظا ، وبين أن يقبلها فعلا ، بأن يأخذها ويحرزها (٢) ، فإذا حصل القبول ، وانعقدت الوكالة ، كان لكل واحد منهما أن يثبت عليها ، وله أن يفسخها ، لأنّها عقد جائز من الطرفين ، لأنّ العقود على أربعة أضرب ، عقد جائز من الطرفين ، وعقد لازم من الطرفين ، وعقد لازم من طرف ، وجائز من طرف ، وعقد مختلف فيه.
فالجائز من الطرفين ، فمثل الجعالة ، والوكالة ، والشركة ، والمضاربة ، والوديعة ، والعارية.
واللازم من الطرفين ، مثل البيع بعد التفرق من المجلس ، والإجارة ، والنكاح.
والجائز من طرف ، فهو الرهن ، فإنّه لازم من جهة الراهن ، جائز من جهة المرتهن ، وكذلك الكتابة المشروطة ، لازمة من جهة السيّد ، جائزة من جهة العبد.
والمختلف فيه ، عقد السبق والرماية ، فيلزمهما قولان ، أحدهما أنّه جعالة ، وهو الأقوى ، فعلى هذا يكون جائزا من الطرفين ، والثاني أنّه إجارة ، فهو لازم من
__________________
(١) ج : ان يحضره.
(٢) ج : ويجوزها.