ثم على هذا أبدا ويشتري له من الأرضين ، والعقارات ، وغيرها ، ما لا يحتاج إليه. وفي ذلك غرر عظيم ، فما يؤدي إليه فهو باطل ، ثم قال : وأيضا ، فلا دلالة على صحّة هذه الوكالة في الشرع هذا آخر كلامه رحمهالله في مسائل الخلاف (١).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : لا دلالة فيما أحتج به رحمهالله ، لأنّ الوكيل لا يصح فعله إلا فيما فيه صلاح لموكله ، وكل ما لا صلح فيه لموكله ، فلا يلزمه منه شيء ، وأنّه باطل غير صحيح ، بغير خلاف ، فعلى هذا التحرير لا غرر فيما أورده.
وقوله رحمهالله : لا دليل على صحّة هذه الوكالة في الشرع ، باطل ، لأنّ الدليل حاصل ، وهو إجماع أصحابنا المنعقد على صحّة ذلك ، وهو أيضا قائل به في نهايته (٢) ، والأخبار المتواترة أيضا دليل على صحة ذلك.
والوكالة تصح للحاضر كما تصحّ للغائب ، على ما قدّمناه ، ولا يجب الحكم بها على طريق التبرع ، دون أن يلتزم ذلك بإيثار الموكّل ، واختياره.
وللناظر في أمور المسلمين ، ولحكامهم ، أن يوكل على سفهائهم ، وأيتامهم ، ونواقصي عقولهم ، من يطالب بحقوقهم ، ويحتج عنهم ، ولهم.
وينبغي لذوي المروات من الناس ، أن يوكلوا لأنفسهم في الحقوق ، ولا يباشروا الخصومة بنفوسهم.
وللمسلم أن يتوكل للمسلم على أهل الإسلام والذمة ، ولأهل الذمة على أهل الذمة ، ويكره أن يتوكل للذمي على المسلم.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وللمسلم أن يتوكل للمسلم على أهل الإسلام ، وأهل الذمة ، ولأهل الذمة على أهل الذمة خاصّة ، ولا يتوكل للذمي على المسلم (٣).
وقال بكراهة ذلك في مبسوطة ، قال : يكره أن يتوكل المسلم لكافر على
__________________
(١) الخلاف : كتاب الوكالة ، المسألة ١٤.
(٢) النهاية : باب الوكالات.
(٣) النهاية : كتاب الوكالة.