سماعة ، ليس فيه هذا التفصيل ، وانّما هو مطلق ، في أنّه لا يجوز الوكالة في الطلاق ، وظاهره مخالف لإجماع المسلمين قاطبة ، وما هذا حاله ، لا يلتفت إليه ، ولا يعرج عليه وقوله رحمهالله : لئلا تتناقض الأخبار ، انّما يسوغ ذلك ، إذا كانت الأخبار متواترة متكافئة ، فهي حينئذ أدلة ، فيجوز ما ذكره لئلا تتناقض الأدلة ، وهذا الخبر الشاذ ليس هو مكافئا لما أورده من الأخبار المتواترة ، فكيف يجوز ما قاله رحمهالله ، من الوساطة ، مع إنّا قد بيّنا ، أن أخبار الآحاد ، لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها ، لأنّها لا توجب علما ولا عملا ، وأصحابنا قديما وحديثا لا يعملون بها ، ويزرون ويعيبون أشدّ عيب على العاملين بها ، من أهل الخلاف.
وأيضا فلا خلاف بيننا معشر الشيعة الإماميّة ، أنّ حال الشقاق ، وبعث الحكمين ، انّ الرجل إذا وكل الحكم الذي هو من أهله في الطلاق ، وطلق ، مضى طلاقه ، وجاز ، وإن كان الموكل حاضرا في البلد ، بغير خلاف بين أصحابنا في ذلك.
وأيضا فشيخنا في مسائل خلافه (١) ومبسوطة (٢) يذهب إلى أنّ الوكالة في جميع الأشياء التي يجوز الوكالة فيها تصح للحاضر والغائب ، ثم قال في مسائل الخلاف : دليلنا ان الأخبار الواردة في جواز التوكيل ، عامة في الحاضر والغائب ، فمن خصصها ، فعليه الدلالة ، وقال : وأيضا ، فالأصل جواز ذلك ، والمنع يحتاج إلى دليل ، هذا آخر كلامه رحمهالله. فقد أقرّ (٣) أنّ الأخبار الواردة في جواز التوكيل ، عامة في الحاضر والغائب ، ثم قال : فمن خصصها ، فعليه الدلالة ، وقال : وأيضا فالأصل جواز ذلك ، والمنع يحتاج إلى دليل ، فما باله رحمهالله ، يرجع عن الأدلة بغير أدلة ، وتخصيص العموم عند المحصّلين لأصول الفقه ، لا يكون إلا بأدلة قاطعة للأعذار ، إمّا من كتاب ،
__________________
(١) الخلاف : كتاب الوكالة المسألة ٦.
(٢) المبسوط : كتاب الوكالة ، ج ٢ ، ص ٣٦٤.
(٣) ج : أورد.