أو إلى الاعتراض الثالث. أو الوقت ، أي : هذا الاعتراض سبب فراقنا ، أو هذا الوقت وقته.
وإضافة الفراق إلى البين إضافة المصدر إلى الظرف على الاتّساع ، وكرّر «بين» تأكيدا.
(سَأُنَبِّئُكَ) سأخبرك (بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) بالخبر الباطن فيما لم تستطع الصبر عليه ، لكونه منكرا من حيث الظاهر.
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) لمحاويج لا شيء لهم يكفيهم (يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) للتعيّش. وهو دليل على أنّ المسكين يطلق على من يملك شيئا إذا لم يكفه.
وقيل : سمّوا مساكين لعجزهم عن دفع الملك ، أو لزمانتهم ، فإنّها كانت لعشرة إخوة : خمسة زمنى ، وخمسة يعملون في البحر.
(فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) أجعلها ذات عيب (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) قدّامهم ، كقوله : من ورائهم برزخ ، أو خلفهم. وكان رجوعهم عليه ، واسمه جلندى بن كركر. وفيه لغة اخرى ، وهي جلنداء ممدودة. (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) من أصحابها.
وكان حقّ النظم أن يتأخّر قوله : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) عن قوله : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) لأنّ إرادة التعييب مسبّب عن خوف الغصب ، وإنّما قدّم للعناية. أو لأنّ السبب لمّا كان مجموع الأمرين : خوف الغصب ومسكنة الملّاك ، رتّبه على أقوى الجزأين وادّعاهما ، وعقّبه بالآخر على سبيل التقييد والتتميم.
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) وهو كافر. ويؤيّده ما روي عن أبيّ وابن عبّاس : أنّ الغلام كان كافرا ، وأبواه مؤمنين. وروي أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام : «وأمّا الغلام الّذي قتله ، فإنّما قتله لأنّه كان كافرا».
(فَخَشِينا) فخفنا ، لعلمنا من عند الله أنّه إن بقي (أَنْ يُرْهِقَهُما) أي : يغشيهما (طُغْياناً) عليهما (وَكُفْراً) لنعمتهما ، بعقوقه وسوء صنيعه ، فيلحقهما شرّا وبلاء. أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره ، فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر. أو يعديهما بدائه ، فيرتدّا بإضلاله ، أو بممالأته على طغيانه وكفره حبّا له. وإنّما خشي ذلك لأنّ الله أعلمه بحاله ، واطّلعه على سريرة أمره.