وعن ابن عبّاس : أنّ نجدة الحروري (١) كتب إليه : كيف قتله ـ أي : قتل الخضر الغلام ـ وقد نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه : إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل.
ويجوز أن يكون قوله : «فخشينا» حكاية قول الله عزوجل. فمعنى «خشينا» : علمنا.
(فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ) أن يرزقهما بدله ولدا خيرا منه (زَكاةً) طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة (وَأَقْرَبَ رُحْماً) رحمة وعطوفة على والديه. قيل : ولدت لهما جارية ، فتزوّجها نبيّ ، فولدت له نبيّا هدى الله به أمّة من الأمم.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّهما أبدلا بالغلام المقتول جارية ، فولدت سبعين نبيّا».
وقرأ نافع وأبو عمرو : يبدّلهما بالتشديد. وابن عامر ويعقوب وعاصم : رحما بالتخفيف. وانتصابه على التمييز ، والعامل اسم التفضيل. وكذلك «زكوة».
وفي الآية دلالة على وجوب اللطف على ما نذهب إليه ، لأنّ المفهوم من الآية أنّه تدبير من الله تعالى لم يكن يجوز خلافه ، وأنّه إذا علم من حال الإنسان أنّه يفسد عند شيء ، يجب عليه في الحكمة أن يذهب ذلك الشيء ، حتّى لا يقع هذا الفساد.
(وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) قيل : اسمهما أصرم وصريم ، واسم المقتول جيسور (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) من ذهب وفضّة. روي ذلك مرفوعا.
والذمّ على كنز الذهب والفضّة في قوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) (٢) لمن لا يؤدّي زكاتهما وما تعلّق بهما من الحقوق.
وقيل : صحف فيها علم ، كما روي عن ابن عبّاس : ما كان ذلك الكنز إلّا علما.
وقيل : كان لوحا من ذهب مكتوب فيه : عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن؟! وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب؟! وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح؟!
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «الحرورا قرية الخوارج. منه».
(٢) التوبة : ٣٤.