وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها؟! لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله. والظاهر لإطلاقه أنّه مال.
(وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) تنبيه على أنّ سعيه ذلك كان لصلاحه. وكان سيّاحا ، واسمه كاشح.
وعن جعفر بن محمّد عليهالسلام : «كان بين الغلامين وبين الأب الّذي حفظا فيه سبعة آباء».
ومعنى «حفظا فيه» : حفظا في حقّه. يقال : اللهمّ احفظنا في نبيّك ، أي : في حقّه ولأجله. ويقال : أخ في الله ، أي : من أجل الله. وقال عليهالسلام : «إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله ، لكرامته على الله تعالى».
(فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) أي : الحلم وكمال الرأي (وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) مرحومين من ربّك. ويجوز أن يكون علّة أو مصدرا لـ «أراد» ، فإنّ إرادة الخير رحمة. وقيل : متعلّق بمحذوف تقديره : فعلت ما فعلت رحمة من ربّك. ولعلّ إسناد الإرادة أوّلا إلى نفسه «لأنّه المباشر للتعييب ، وثانيا إلى الله وإلى نفسه لأنّ التبديل بإهلاك الغلام وإيجاد الله بدله ، وثالثا إلى الله وحده لأنّه لا مدخل له في بلوغ الغلامين. أو لأنّ الأوّل في نفسه شرّ ، والثالث خير ، والثاني ممتزج.
(وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) عن رأيي واجتهادي ، وإنّما فعلته بأمر الله عزوجل. ومبنى ذلك على أنّه متى تعارض ضرران يجب تحمّل أهونهما لدفع أعظمهما. وهو أصل ممهّد ، غير أنّ الشرائع في تفاصيله مختلفة. (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) أي : ما لم تستطع ، فحذف التاء تخفيفا.
ومن فوائد هذه القصّة أن لا يعجب المرء بعلمه ، ولا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه ، فلعلّ فيه سرّا لا يعرفه ، وأن يداوم على التعلّم ، ويتذلّل للمعلّم ، ويراعي الأدب في المقال ، وأن ينبّه المجرم على جرمه ، ويعفو عنه حتّى يتحقّق إصراره ، ثمّ