وتحتفل بالاستعاذة. وعن عليّ عليهالسلام أنّه قال : «علمت أنّ التقيّ ينهاه التقى عن المعصية».
وجواب الشرط محذوف بقرينة ما قبله ، أي : فإنّي عائذة به منك. أو فتتّعظ بتعويذي ، أو فلا تتعرّض بي. ويجوز أن يكون للمبالغة ، أي : إن كنت تقيّا متورّعا فإنّي أعوذ منك ، فكيف إذا لم تكن كذلك؟! فلمّا سمع جبرئيل منها هذا القول (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) الّذي استعذت به (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً) لأكون سببا في هبته بوسيلة النفخ في الدرع. ويجوز أن يكون حكاية لقول الله تعالى. ويؤيّده قراءة أبي عمرو وابن كثير عن نافع ويعقوب بالياء. (زَكِيًّا) طاهرا من الذنوب ، أو ناميا على الخير ، أي : مترقّيا من سنّ إلى سنّ على الخير والصلاح. وعن ابن عبّاس : يريد نبيّا.
(قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) أي : ولد (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) ولم يباشرني رجل بالحلال ، فإنّ المسّ كناية عنه ، كقوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) (١) (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) (٢). أمّا الزنا فإنّما يقال فيه : خبث بها وفجر ، ونحو ذلك. ويعضده عطف قوله : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) عليه ، أي : فاجرة تبغي الزنا.
وهو فعول من البغي ، قلبت واوه ياء وأدغمت ، ثمّ كسرت الغين اتباعا للياء ، ولذلك لم تلحقه التاء. أو فعيل بمعنى فاعل ، ولم تلحقه التاء ، لأنّه للمبالغة ، أو للنسب كطالق. والمعنى : أنّي لست بذات زوج وغير ذات الزوج لا تلد إلّا عن فجور ، ولست فاجرة.
(قالَ كَذلِكِ) أي : الأمر كما وصفت لك (قالَ رَبُّكِ هُوَ) أي : إحداث الولد من غير زوج (عَلَيَّ هَيِّنٌ) سهل لا يشقّ عليّ (وَلِنَجْعَلَهُ) تعليل معلّله محذوف ، أي : ونفعل ذلك لنجعله آية. أو معطوف على تعليل مضمر ، أي : لنبيّن به قدرتنا ولنجعله آية.
__________________
(١) البقرة : ٢٣٧.
(٢) النساء : ٤٣.