وتبتلع الحجر والشجر خاف وهرب منها.
(قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) هيأتها وحالتها المتقدّمة. وهي فعلة من السير. يقال : سار فلان سيرة حسنة. ثمّ اتّسع فيها ، فنقلت إلى الطريقة والهيئة.
وانتصابها على نزع الخافض ، أي : سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي : في حال ما كانت عصا. أو على أن «أعاد» منقول من «عاده» بمعنى : عاد إليه. أو على تقدير فعلها ، أي : سنعيد العصا بعد ذهابها تسير سيرتها الأولى ، فتنتفع بها ما كنت تنتفعه كما أنشأناها أوّلا.
قيل : لمّا قال له ربّه ذلك اطمأنّت نفسه ، حتّى أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها.
(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) إلى جنبك تحت العضد. يقال لكلّ ناحيتين : جناحان ، كجناحي العسكر. استعارة من جناحي الطائر. سمّيا جناحين ، لأنّه يجنحهما ـ أي : يميلهما ـ عند الطيران.
(تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها نور ساطع يضيء بالليل والنهار ، كضوء القمر والشمس (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) صلة بيضاء ، أي : ابيضّت من غير سوء ، أي : من غير عاهة وقبح. كنّي به عن البرص ، كما كنّي بالسوءة عن العورة. والبرص أبغض شيء إلى طباع العرب ، ولهم عنه نفرة عظيمة ، وأسماعهم لاسمه مجّاجة (١) ، فكان جديرا بأن يكنّى عنه.
وروي : أنّه عليهالسلام كان آدم اللون ، فأخرج يده من مدرعته (٢) بيضاء ، لها شعاع كشعاع الشمس يغشي البصر.
(آيَةً أُخْرى) معجزة ثانية. وهي حال من ضمير «تخرج» كـ «بيضاء». أو من ضميرها. أو مفعول بإضمار : خذ أو دونك ، حذف لدلالة الكلام عليه.
(لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) بعض آياتنا. وهذا متعلّق بالمضمر ، أو بما دلّ عليه «آية» أي : دلّلنا بها ، أو فعلنا ذلك لنريك. و «الكبرى» صفة لـ «آياتنا». أو مفعول «نريك»
__________________
(١) أي : كارهة. يقال : هذا كلام تمجّه الأسماع ، أي : تقذفه وتستكرهه.
(٢) المدرعة : ثوب من كتّان كان يلبسه عظيم أحبار اليهود. أو جبّة مشقوقة المقدّم.