الروابي (١). يعني : لا ترى فيها واديا ولا رابية. وقيل : «لا ترى» استئناف مبيّن للحالين.
(يَوْمَئِذٍ) أي : يوم إذ نسفت ، على إضافة اليوم إلى وقت النسف. ويجوز أن يكون بدلا ثانيا من (يَوْمَ الْقِيامَةِ). (يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) داعي الله إلى المحشر. قيل : هو إسرافيل يدعو الناس قائما على صخرة بيت المقدس ، فيقبلون من كلّ أوب إلى صوبه.
(لا عِوَجَ لَهُ) لا يعوّج له مدعوّ ، ولا يعدل عن ندائه ، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا ، بل يستوون إليه من غير انحراف ، متّبعين لصوته.
(وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) وخفضت الأصوات من شدّة الفزع لمهابته (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) صوتا خفيّا. ومنه الحروف المهموسة. وقيل : هو من همس الإبل ، وهو صوت أخفافها إذا مشت ، أي : لا تسمع إلّا خفق أقدامهم ونقلها إلى المحشر.
(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) استثناء من الشفاعة بتقدير مضاف ، أي : إلّا شفاعة من أذن. أو من أعمّ المفاعيل ، أي : لا تنفع الشفاعة شخصا من الأشخاص إلّا من اذن في أن يشفع له ، فإنّ الشفاعة تنفعه. فـ «من» على الأوّل مرفوع على البدليّة. وعلى الثاني منصوب على المفعوليّة. و «أذن» يحتمل أن يكون من الإذن ، كقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢). أو من الأذن بمعنى الاستماع.
(وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي : ورضي لمكانه عند الله قوله في الشفاعة ، من الأنبياء والأولياء والصدّيقين والشهداء. أو رضي لأجله قول الشافع في شأنه. أو قوله لأجله وفي شأنه.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ما تقدّمهم من الأحوال (وَما خَلْفَهُمْ) وما بعدهم ممّا لا يستقبلونه (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) ولا يحيط علمهم بمعلوماته. وقيل : بذاته. وقيل : الضمير لأحد الموصولين أو لمجموعهما ، فإنّهم لم يعلموا جميع ذلك ، ولا تفصيل ما
__________________
(١) الروابي جمع الرابية ، وهي ما ارتفع من الأرض.
(٢) البقرة : ٢٥٥.