دلالة على أنّ صفة الوحدانيّة يصحّ أن تكون طريقها السمع.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) مخلصون العبادة لله على مقتضى الوحي المصدّق بالحجّة.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن التوحيد (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ) أعلمتكم ما أمرت به ، أو حربي لكم.
منقول من : أذن إذا علم ، ولكنّه كثر استعماله فيما يجري مجرى الإنذار. ومنه قوله تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) (١).
(عَلى سَواءٍ) مستوين في الإعلام به ، لم أطوه عن أحد منكم ، بل أكشفه لكم كلّكم. أو مستوين أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به ، أو في المعاداة. أو إيذانا على سواء ، لم ابيّن الحقّ لقوم دون قوم. وقيل : أعلمتكم أنّي على سواء ، أي : عدل واستقامة رأي بالبرهان النيّر.
(وَإِنْ أَدْرِي) ما أدري (أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) من غلبة المسلمين ، أو الحشر ، ولكنّه كائن لا محالة.
(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ) ما تجاهرون به من الطعن في الإسلام (وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) من الإحن والأحقاد للمسلمين ، فيجازيكم عليه.
(وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ) وما أدري لعلّ تأخير هذا الموعد استدراج لكم ، وزيادة في افتتانكم ، لينظر كيف تعملون (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وتمتيع إلى أجل مقدّر تقتضيه مشيئته ، ليكون ذلك حجّة عليكم ، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
قل قرأ حفص : قال ، على حكاية قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) اقض بيننا وبين أهل مكّة بالعدل ، المقتضي لاستعجال العذاب ، والتشديد عليهم. وهذا كدعائه عليهم بقوله : «اللهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعل سنيّهم كسنيّ يوسف». فماتوا بجدب حتّى أكلوا العلهز (٢).
__________________
(١) البقرة : ٢٧٩.
(٢) العلهز : طعام من الدم والوبر كان يتّخذ في المجاعة. القاموس ٢ : ١٨٤.