مضمر ، تقديره : وعدهم الله وأقسم ليستخلفنّهم. أو الوعد في تحقّقه منزّل منزلة القسم ، فتلقّي بما يتلقّى به القسم.
(كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني : بني إسرائيل استخلفهم في مصر والشام بعد الجبابرة ، وأورثهم أرضهم وأموالهم.
وقرأ أبو بكر بضمّ التاء وكسر اللام ، وإذا ابتدأ ضمّ الألف. والباقون بفتحهما. وإذا ابتدءوا كسروا الألف.
(وَلَيُمَكِّنَنَ) ليثبتنّ (لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) دينهم الّذي أمرهم أن يتديّنوا به ـ وهو الإسلام ـ بالتقوية والتثبيت ، وإظهاره على الدّين كلّه ، كما قال عليهالسلام : «زويت (١) لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها».
وروى المقداد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لا يبقى على الأرض بيت مدر ولا وبر ، إلّا أدخله الله كلمة الإسلام ، بعزّ عزيز أو ذلّ ذليل. إمّا أن يعزّهم الله فيجعلهم من أهلها ، وإمّا أن يذلّهم فيدينون بها».
(وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ) من الأعداء. وقرأ ابن كثير وأبو بكر بالتخفيف. (أَمْناً) منهم. وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه مكثوا بمكّة عشر سنين خائفين ، ولمّا هاجروا كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه ، حتّى قال رجل : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ، ونضع السلاح. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تغبرون (٢) إلّا يسيرا حتّى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا (٣) ليس فيه حديدة. فأنجز الله وعده ، وأظهر هم على جزيرة العرب ، وافتتحوا بعد بلاد المشرق والمغرب ، ومزّقوا ملك الأكاسرة ، وملكوا خزائنهم ، واستولوا على الدنيا.
__________________
(١) أي : جمعت وقبضت.
(٢) أي : لا تبقون.
(٣) أي : مشتملا بثوب ونحوه.