وقيل : هو مصدر «كذب» كقولك : كتبت كتابا.
قوله : (جَزاءً). مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) ، كأنّه قيل: جازى المتقين بمفاز.
قوله : (عَطاءً) بدل من «جزاء» وهو اسم مصدر ؛ قال : [الوافر]
٥٠٨٥ ـ .......... |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (١) |
قال : وجعله الزمخشري (٢) : منصوبا ب «جزاء» نصب المفعول به.
ورده أبو حيان (٣) بأنه جعل «جزاء» مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة ، التي هي «إنّ للمتّقين» ، قال : «والمصدر المؤكد لا يعمل ؛ لأنه لا ينحلّ لحرف مصدري والفعل ، ولا نعلم في ذلك خلافا».
قوله : «حسابا». صفة ل «عطاء» ، والمعنى : كافيا ، فهو مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه ، أو على حذف مضاف ، من قولهم : أحسبني الشيء أي : كفاني.
وقال قتادة : (عَطاءً حِساباً) أي : كثيرا ، يقال : أحسبت فلانا ، أي : أكثرت له العطايا حتى قال : حسبي (٤).
وقال الكلبي : حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشر أمثالها ، وقد وعد قوما جزاء لا نهاية له ، ولا مقدار ، كما قال تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٥) [الزمر : ١٠] وقرأ أبو البرهسم (٦) ، وشريح بن يزيد الحمصي : بتشديد السين مع بقاء الحاء على كسرها.
وتخريجها : أنّه مصدر ، مثل : «كذّاب» أقيم مقام الوصف ، أي : عطاء محسبا ، أي : كافيا.
وابن قطيب : كذلك ، إلّا أنّه فتح الحاء.
قال أبو الفتح : بناء «فعّال» من «أفعل» ك «درّاك» من «أدرك» بمعنى أنه صفة مبالغة من «حسب» بمعنى : كافي كذا.
وابن عباس (٧) : «حسنا» بالنون من الحسن.
وسريج : «حسبا» (٨) بفتح الحاء وسكون السين والباء الموحدة ، أي : عطاء كافيا ، من قولك : حسبك كذا ، أي : «كافيك».
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٩٠.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٠٧.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤١٤).
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٢٠).
(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٩٠ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٢٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٠٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٦٨.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٢٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٠٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٦٨.
(٨) ينظر السابق.