قال الراغب : الشّفق : هو اختلاط ضوء النّهار بسواد الليل عند غروب الشمس ، والإشفاق : عناية مختلطة بخوف ؛ لأن المشفق يحب المشفق عليه ، ويخاف ما يلحقه ، فإذا عدّي ب «من» فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإذا عدي ب «على» فمعنى العناية فيه أظهر.
وقال الزمخشري (١) : «الشفق» الحمرة التي ترى في الغروب بعد سقوط الشمس ، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ، ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء ، إلا ما روي عن أبي حنيفة في إحدى الروايتين : أنه البياض. وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه ، سمي شفقا لرقته ، ومنه الشفقة على الإنسان ، رقة القلب عليه انتهى.
والشّفق : شفقان ، الشّفق الأحمر ، والآخر : الأبيض ، والشفق والشفقة : اسمان للإشفاق ؛ وقال الشاعر : [البسيط]
٥١٤١ ـ تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا |
|
والموت أكرم نزّال على الحرم (٢) |
تقدم اختلاف العلماء في القسم بهذه الأشياء ، هل هو قسم بها أو بخالقها؟ وأن المتقدمين ذهبوا إلى أن القسم واقع برب الشفق ، وإن كان محذوفا ؛ لأن ذلك معلوم من ورود الحظر بأن يقسم بغير الله تعالى.
واعلم أن الصحيح في الشفق : أنّه الحمرة ؛ لأن أكثر الصحابة ، والتابعين ، والفقهاء عليه ، وشواهد [كلام العرب](٣) ، والاشتقاق ، والسنة تشهد له.
قال الفراء : «وسمعت بعض العرب يقول : عليه ثوب مصبوغ أحمر كأنه الشفق».
وقال الشاعر : [الرجز]
٥١٤٢ ـ وأحمر اللّون كمحمرّ الشّفق (٤)
وقال آخر : [البسيط]
٥١٤٣ ـ قم يا غلام أعنّي غير مرتبك |
|
على الزّمان بكأس حشوها شفق (٥) |
ويقال للمغرة : الشّفقة.
وفي «الصّحاح» (٦) : الشّفق بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قرب من العتمة.
وقال الخليل : الشفق : الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة إذا ذهب قيل : غاب الشفق.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٢٧.
(٢) ينظر القرطبي ١٩ / ١٨١ ، والبحر ٨ / ٤٣٧ والدر المصون ٦ / ٤٩٩.
(٣) سقط من أ.
(٤) ينظر القرطبي ١٩ / ١٨١.
(٥) ينظر القرطبي ١٩ / ١٨١.
(٦) ينظر الصحاح ٤ / ١٥٠١.