وقال مالك : إنها ليست من عزائم السجود ؛ لأن المعنى لا يدعون ولا يطيعون](١).
قوله تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ). العامّة : على ضمّ الياء من «يكذبون» وفتح الكاف وتشديد الذّال.
والضحاك وابن أبي عبلة (٢) : بالفتح والإسكان والتخفيف [وتقدمت هاتان القراءتان أول البقرة](٣).
والمعنى : يكذّبون بمحمد صلىاللهعليهوسلم وما جاء به.
قال مقاتل : نزلت في بني عمرو بن عمير ، وكانوا أربعة ، فأسلم اثنان منهم (٤).
وقيل : هو في جميع الكفار.
قوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ). هذه هي قراءة العامة ، من أوعى يوعي ، أي : بما يضمرون في أنفسهم من التكذيب ، رواه الضحاك عن ابن عباس.
وقال مجاهد : يكتمون من أفعالهم (٥).
وقال ابن زيد : يجمعون من الأعمال الصالحة (٦) ، مأخوذ من الوعاء الذي يجمع فيه ، يقال : وعيت الزّاد والمتاع : إذا جعلته في الوعاء ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٥١٥١ ـ ألخير أبقى وإن طال الزّمان به |
|
والشّرّ أخبث ما أوعيت من زاد (٧) |
وقرأ أبو رجاء (٨) : «يعون» من «وعى يعي» ، يقال : وعاه إذا حفظه ، يقال : وعيت الحديث ، أعيه ، وعيا ، وأذن واعية ، وقد تقدم.
قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ، أي : مؤلم في جهنّم على تكذيبهم وكفرهم ، أي: جعل ذلك بمنزلة البشارة.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : يجوز أن يكون متصلا ، وأن يكون منقطعا ، هذا إذا كانت الجملة من قوله : «لهم أجر» : مستأنفة أو حالية ، أمّا إذا كان الموصول مبتدأ والجملة خبره ، فالاستثناء ليس من قبيل استثناء المفردات ، ويكون من قسم المنقطع ، أي : لكن الذين آمنوا لهم كيت وكيت.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٤٠ ، والدر المصون ٦ / ٥٠١.
(٣) سقط من ب.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٨٥).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥١٧) عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥١٧) عن ابن زيد.
(٧) البيت لعبيد بن الأبرص ينظر القرطبي ١٩ / ١٨٥ ، واللسان (وعي).
(٨) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٤١ ، والدر المصون ٦ / ٥٠١.