وقيل : هو ما أوقع الله ـ تعالى ـ بهم يوم «بدر» من القتل ، والأسر.
وقيل : استدراجهم من حيث لا يعلمون.
وقيل : كيد الله تعالى ، بنصره وإعلاء درجته صلىاللهعليهوسلم تسمية لأحد المتقابلين باسم الآخر ، كقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠] ؛ وقول الشاعر : [الوافر]
٥١٧٣ ـ ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا (١) |
وقوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) [الحشر : ١٩] ، (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢]. قوله : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ). أي : لا تدع بهلاكهم ، ولا تستعجل ، وارض بما تريده في أمورهم ، ثم نسخت بقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].
قوله : (أَمْهِلْهُمْ). هذه قراءة العامة ، لما كرر الأمر توكيدا خالف بين اللفظين.
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «مهّلهم» كالأول ، ومهّل وأمهل بمعنى مثل : نزل وأنزل ، والإمهال والتّمهيل : الانتظار ، يقال : أمهلتك كذا ، أي : انتظرتك لتفعله ، والاسم : المهلة والاستمهال : الانتظار ، والمهل : الرّفق والتّؤدة ، وتمهل في أمره : أي : أتاه ، وتمهّل تمهيلا : اعتدل وانتصب ، والامتهال : سكون وفتور ، ويقال : مهلا يا فلان ، أي رفقا وسكونا.
قوله : (رُوَيْداً). مصدر مؤكد لمعنى العامل ، وهو تصغير إرواد على الترخيم ، وقيل : بل هو تصغير «رود» كذا قال أبو عبيد.
وأنشد : [البسيط]
٥١٧٤ ـ كأنّه ثمل يمشي على رود (٢)
أي : على مهل. واعلم أن «رويدا» : يستعمل مصدرا بدلا من اللفظ بفعله ، فيضاف تارة ، كقوله تعالى : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) [محمد : ٤] ، ولا يضاف أخرى ، نحو : رويدا زيدا ، ويقع حالا ، نحو : ساروا رويدا ، أي : متمهلين ، ونعت المصدر ، نحو : «ساروا رويدا» ، أي : سيرا رويدا ، وتفسير «رويدا» مهلا ، وتفسير «رويدك» أمهل ؛ لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى : «افعل» دون غيره ، وإنّما حرّكت الدال لالتقاء الساكنين ، ونصب نصب
__________________
(١) ينظر سمط اللآلىء ١ / ٥٨٠ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٥٩ ، وشرح شواهد الكشاف ص ٥٥١.
(٢) عجز بيت للجموح الظفري ، وصدره :
تكاد لا تكلم البطحاء وطأتها
ينظر ابن يعيش ٤ / ١٩ ، واللسان (ورد) ، والقرطبي ٢٠ / ٩ ، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري ٤٠٣ ، والدر المصون ٦ / ٥٠٨.