قال القرطبيّ (١) : «الآني : الذي قد انتهى حرّه ، من الإيناء بمعنى : «التأخير» ، يقال: أنّاه يؤنيه إيناء ، أي : أخره وحبسه وأبطأه ، نظيره قوله تعالى : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن : ٤٤] ، روي أنه لو وقعت [نقطة](٢) منها على جبال الدنيا لذابت».
قوله : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ). لمّا ذكر شرابهم ذكر طعامهم.
والضّريع : شجر في النار ، ذو شوك لاصق بالأرض ، تسميه قريش : الشّبرق إذا كان رطبا ، وإذا يبس فهو الضريع ، لا تقربه دابة ، ولا بهيمة ، ولا ترعاه ، وهو سم قاتل. قاله عكرمة ، ومجاهد وأكثر المفسرين (٣)
وروى الضحاك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ قال : شيء يرمي به البحر يسمى الضريع من أقوات الأنعام لا الناس ، وإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع ، وهلكت هزلا (٤).
والصحيح الأول ؛ قال أبو ذؤيب : [الطويل]
٥١٨٢ ـ رعى الشّبرق الرّيان حتّى إذا ذوى |
|
رعا ضريعا بان منه النّحائص (٥) |
وقال الهذلي يذكر إبلا وسوء مرعاها : [الكامل]
٥١٨٣ ـ وحبسن في هزم الضّريع فكلّها |
|
حدباء دامية اليدين حرود (٦) |
وقال الخليل : الضريع : نبات منتن الريح ، يرمي به البحر.
وقال أيضا : ويقال للجلدة التي على العظم تحت اللحم ، هي الضريع ، فكأنه تعالى وصفه بالقلة ، فلا جرم لا يسمن ولا يغني من جوع.
وقيل : هو الزقوم.
وقيل : يابس العرفج إذا تحطم.
وقيل : نبت يشبه العوسج.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : هو شجر من نار ، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض ، وما عليها (٧).
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢١.
(٢) في أ : شرارة.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣) عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٣) عن مجاهد وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره عن ابن عباس وعزاه إلى عبد بن حميد. وعن عكرمة وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٢١).
(٥) ينظر الكشاف ٤ / ٧٤٢ ، والقرطبي ٢٠ / ٢١ ، والبحر ٨ / ٤٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٥١٣.
(٦) ينظر ديوانة الهذليين ٣ / ٧٣ ، واللسان (ضرع) ، والكشاف ٤ / ٧٤٢ والبحر ٨ / ٤٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٥١٢.
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٢٢).