وقال سعيد بن جبير ، وعكرمة : هي حجارة من نار (١).
وقال القرطبيّ (٢) : والأظهر أنه شجر ذو شوك حسب ما هو في الدنيا.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الضريع شيء يكون في النّار: يشبه الشّوك ، أشدّ مرارة من الصّبر ، وأنتن من الجيفة ، وأحرّ من النّار سماه الله ضريعا» (٣).
قال القتيبيّ : ويجوز أن يكون الضريع ، وشجرة الزقوم : نبتين من النار ، أو من جوهر لا تأكله النّار ، وكذلك سلاسل النار ، وأغلالها ، وحياتها ، وعقاربها ، ولو كانت على ما نعلم لما بقيت على النار ، وإنما دلّنا الله على الغائب عند الحاضر عندنا ، فالأسماء متفقة الدلالة والمعاني مختلفة ، وكذلك ما في الجنة من شجرها وفرشها.
وزعم بعضهم : أنّ الضريع : ليس بنبت في النار ، ولا أنهم يأكلونه ؛ لأن الضريع من أقوات الأنعام ، لا من أقوات الناس ، وإذا وقعت الإبل فيه لم تشبع ، وهلكوا هزلا ، فأراد أن هؤلاء يقتاتون بما لا يشبعهم ، وضرب الضريع له مثلا.
والمعنى أنهم يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع.
وقال الحكيم الترمذي : وهذا نظر سقيم من أهله ، يدل على أنهم تحيّروا في قدرة الله تعالى ، وأن الذي أنبت في هذا التراب الضريع قادر على أن ينبته في حريق النار ، كما جعل ـ سبحانه وتعالى ـ في الدنيا من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ، فلا النار تحرق الشجر ، ولا رطوبة الماء في الشجر تطفىء النار ، قال تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس : ٨٠] ، وكما قيل : حين نزلت : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) [الإسراء : ٩٧] ، قالوا : يا رسول الله ، كيف يمشون على وجوههم؟ فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «الّذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم» (٤) ، فلا يتحيّر في مثل هذا إلا ضعيف العقل (٥) ، أو ليس قد أخبرنا أنه : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [النساء : ٥٦] ، وقال تعالى : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) [إبراهيم : ٥٠].
وعن الحسن : لا أدري ما الضريع ، ولم أسمع فيه من الصحابة شيئا.
قال ابن كيسان : هو طعام يضرعون عنده ، ويذلون ، ويتضرعون منه إلى الله تعالى ، طلبا للخلاص منه ، فسمي بذلك ؛ لأن آكله يتضرع في أن يعفى منه ، للكراهة وخشونته.
قال أبو جعفر النحاس : قد يكون مشتقا من الضارع ، وهو الذليل ، أي : ذو ضراعة ، أي : من شربه ذليل تلحقه ضراعة.
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٢.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٢١).
(٤) تقدم.
(٥) في أ : القلب.