بشمائلهم قاله محمد بن كعب ، وقال يحيى بن سلام : لأنهم مشائيم على أنفسهم (١).
وقال ابن زيد : لأنهم أخذوا من شق آدم الأيسر (٢).
وقال ميمون : لأن منزلتهم على اليسار (٣).
قال القرطبي (٤) : ويجمع هذه الأقوال أن يقال : إن أصحاب الميمنة أصحاب الجنة ، وأصحاب المشئمة أصحاب النار.
قوله : (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) ، قرأ أبو عمرو وحمزة وحفص : بالهمزة.
والباقون (٥) : بلا همز.
فالقراءة الأولى : من «آصدت الباب» أي : أغلقته ، أوصده ، فهو مؤصد ، قيل : ويحتمل أن يكون من «أوصدت» ، ولكنه همز الواو السّاكنة لضمة ما قبلها ، كما همز (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص : ٣٣].
والقراءة الثانية ـ أيضا ـ تحتمل المادتين ، ويكون قد خفف الهمزة ، لسكونها بعد ضمة.
وقد نقل الفرّاء عن السوسي الذي قاعدته إبدال مثل هذه الهمزة ، أنه لا يبدل هذه ، وعللوا ذلك بالإلباس وأيقن أنه قرأ : «مؤصدة» بالواو من قاعدته تخفيف الهمزة.
والظاهر أن القراءتين من مادتين : الأولى من «آصد ، يوصد» ك «أكرم يكرم» ، والثانية من «أوصد ، يوصد» مثل «أوصل يوصل».
وقال الشاعر : [الطويل]
٥٢١٧ ـ تحنّ إلى أجبال مكّة ناقتي |
|
ومن دونها أبواب صنعاء مؤصده (٦) |
أي : مغلقة ؛ وقال آخر : [الكامل]
٥٢١٨ ـ قوم يعالج قمّلا أبناؤهم |
|
وسلاسلا حلقا وبابا مؤصدا (٧) |
وكان أبو بكر راوي عاصم يكره الهمز في هذا الحرف ، وقال : لنا إمام يهمز : «مؤصدة» ، فأشتهي أن أسد أذني إذا سمعته.
قال شهاب الدّين (٨) : وكأنه لم يحفظ عن شيخه إلا ترك الهمزة مع حفظ حفص
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٤٨.
(٥) ينظر : السبعة ٦٨٦ ، والحجة ٦ / ٤١٦ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٨٦ ، وحجة القراءات ٧٦٦.
(٦) ينظر القرطبي ٢٠ / ٤٨ ، والبحر ٨ / ٤٦٩ ، وفتح القدير ٥ / ٤٤٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٢٦.
(٧) ينظر البحر ٨ / ٤٧١ ، والدر المصون ٦ / ٥٢٦.
(٨) الدر المصون ٦ / ٥٢٧.