بالمختار على أن يكون حرف العطف عاملا لقيامه مقام العامل ، بل المختار أن العمل إنما هو للعامل في المعطوف عليه ، ثم إن الإنشاء حجة في ذلك.
وقوله : «فتقع في العطف على عاملين» ، ليس ما في الآية من العطف على عاملين ، وإنما هو من باب عطف اسمين مجرور ومنصوب ، على اسمين مجرور ومنصوب ، فصرف العطف لم ينب مناب عاملين ، وذلك نحو قولك : مررت بزيد قائما وعمرو جالسا ؛ وأنشد سيبويه في كتابه: [الطويل]
٥٢١٩ ـ فليس بمعروف لنا أن نردّها |
|
صحاحا ولا مستنكر أن تعقّرا (١) |
فهذا من عطف مجرور ومرفوع ؛ والعطف على عاملين فيه أربعة مذاهب ، ونسب الجواز إلى سيبويه.
وقوله في نحو قولك : «مررت أمس بزيد واليوم عمرو» ، هذا المثال مخالف لما في الآية ، بل وزان ما في الآية : «مررت بزيد أمس وعمرو اليوم» ونحن نجيز هذا.
وأمّا قوله : «على استكراه» ، فليس كما ذكر ، بل كلام الخليل على المنع.
قال الخليل في قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [الليل : ١ ـ ٣] : «الواوان الأخريان ليستا بمنزلة الأولى ، ولكنهما الواوان اللتان تضمان الأسماء إلى الأسماء في قولك : مررت بزيد وعمرو ، والأولى بمنزلة الباء والتاء».
وأما قوله : «إن واو القسم ليس يطرح معها إبراز الفعل اطراحا كليا» فليس هذا الحكم مجمعا عليه ، بل أجاز ابن كيسان التصريح بفعل القسم مع الواو ، فتقول : «أقسم ، أو أحلف والله لزيد قائم».
وأما قوله : «والواوات العواطف نوائب عن هذا» إلى آخره ، فمبني على أن حرف العطف عامل لنيابته مناب العامل ، وليس هذا بالمختار.
قال : والذي يقول : إن المعضل هو تقدير العامل في «إذا» بعد الإقسام ، كقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) [النجم : ٨] ، (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) [المدثر : ٣٣ ، ٣٤] ، (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) [الليل : ٢ ـ ٤] ، وما أشبهها ف «إذا» ظرف مستقبل ، لا جائز أن يكون العامل فيه فعل القسم المحذوف ؛ لأنه فعل إنشائي ، فهو في الحال ينافي أن يعمل في المستقبل لإطلاق زمان العامل زمان المعمول ، ولا جائز أن يكون ثم مضاف محذوف أقيم المقسم به مقامه أي وطلوع النجم ، ومجيء الليل ، لأنه
__________________
(١) البيت للنابغة الجعدي ينظر ديوانه ص ٥٠ ، وأمالي المرتضى ١ / ٢٦٨ وجمهرة أشعار العرب ٢ / ٧٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٤١ ، والكتاب ١ / ٦٤ وخزانة الأدب ٧ / ١٨١ ، والمقتضب ٤ / ١٩٤ ، ٢٠٠.