وحينئذ يلزم عوده على شيء ، وليس هنا ما يمكن عوده عليه غير «ما» فتعين أن تكون موصولة.
قال أبو حيان : «أما قوله «وليس بالوجه» ، لقوله تعالى : (فَأَلْهَمَها) يعني من عود الضمير في (فَأَلْهَمَها) على الله تعالى ، فيكون قد عاد على مذكور ، وهو «ما» المراد به «الذي» ، قال : ولا يلزم ذلك ، لأنا إذا جعلناها مصدرية عاد الضمير على ما يفهم من سياق الكلام ، في «بناها» ضمير عائد على الله تعالى ، أي : وبناها هو ، أي : الله تعالى ، كما إذا رأيت زيدا قد ضرب عمرا ، فتقول : عجبت مما ضرب عمرو ، تقديره : من ضرب عمرو هو ، كان حسنا فصيحا جائزا ، وعود الضمير على ما يفهم من سياق الكلام كثير.
وقوله «وما يؤدي إليه من فساد النظم» ليس كذلك ، ولا يؤدي جعلها مصدرية إلى ما ذكر.
وقوله «وإنما أوثرت» إلى آخره ، لا يراد ب «ما» ولا «من» الموصولتين ، معنى الوصلية (١) ، لأنهما لا يوصف بهما «ما» دون «من».
وقوله «في كلامهم» إلى آخره ، تأوله أصحابنا على أن «سبحان» علم ، و «ما» مصدرية ظرفية».
قال شهاب الدين (٢) : أما ما رد به عليه من كونه يعود على ما يفهم من السياق ، فليس يصلح ردّا ؛ لأنه إذا دار الأمر بين عوده على ملفوظ وبين غير ملفوظ به ، فعوده على الملفوظ به أولى ؛ لأنه الأصل وأما قوله : فلا ينفرد به «ما» دون «من» ، فليس مراد الزمخشري أنها توصف بها وصفا صريحا ، بل مراده أنها تقع على نوع من يعقل وعلى صفته ، ولذلك مثل النحويون بقوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) [النساء : ٣].
وقالوا : تقديره : فانكحوا الطّيّب من النّساء ، ولا شك أن هذا الحكم تنفرد به «ما» دون «من».
قوله : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها). أي : وطحوها ، وقيل : ومن طحاها : أي بسطها ، قال عامة المفسرين : أي دحاها.
قال الحسن ومجاهد وغيرهما : طحاها ودحاها : واحد ، أي : بسطها من كل جانب (٣).
والطّحو : البسط ، طحا ، يطحو ، طحوا ، وطحى يطحى طحيا ، وطحيت :
__________________
(١) في أ : الوصفية.
(٢) ينظر الدر المصون ٦ / ٥٣١.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠١) عن مجاهد وابن زيد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠١) عن قتادة وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.