اضطجعت ، عن أبي عمرو ، وعن ابن عباس : طحاها : أي قسمها (١) ، وقيل : خلقها ؛ قال الشاعر : [الوافر]
٥٢٢٠ ـ وما تدري جذيمة من طحاها |
|
ولا من ساكن العرش الرّفيع (٢) |
قال الماوردي : ويحتمل أنه ما خرج منها من نبات وعيون وكنوز ؛ لأنه حياة لما خلق عليها.
ويقال في بعض أيمان العرب : لا ، والقمر الطاحي ، أي : المشرق المرتفع.
قال أبو عمرو : طحا الرجل إذا ذهب في الأرض ، يقال : ما أدري أين طحا؟.
ويقال : طحا به قلبه ، إذا ذهب به في كلّ شيء ؛ قال علقمة : [الطويل]
٥٢٢١ ـ طحا بك قلب في الحسان طروب |
|
.......... (٣) |
قال ابن الخطيب (٤) : وإنما أخر هذا عن قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) لقوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها).
قوله (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها). قيل : المعنى ، وتسويتها ، ف «ما» مصدرية.
وقيل : المعنى ، ومن سواها ، وهو الله تعالى ، قيل : المراد بالنفس : آدم عليه الصلاة والسلام.
وقيل : كلّ نفس منفوسة ، فما التنكير إلا لتعظيمها ، أي نفس عظيمة ، وهي نفس آدم عليه الصلاة والسلام وإما للتكثير ، كقوله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ) [التكوير : ١٤] ، و «سوّى» بمعنى هيأ.
وقال مجاهد : سوّى خلقها وعدّل ، وهذه الأسماء كلها مجرورة على القسم ، أي أقسم الله تعالى بخلقه لما فيه من عجائب الصنعة الدالة عليه ـ سبحانه وتعالى ـ.
قوله : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها) أي : عرّفها طريق الفجور والتقوى ، قاله ابن عباس ومجاهد(٥).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٠٦) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٠) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر القرطبي ٢٠ / ٥.
(٣) صدر بيت لعلقمة الفحل ، وعجزه :
يعيد الشباب عصر حان مشيب
ينظر ديوانه ص ٣٣ ، والأضداد ص ١٤٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٩٢ ، ١١ / ٢٨٩ ، وجمهرة اللغة ص ٩٩ ، ورصف المباني ص ٣٥٤ ، والمفضليات ص ٣٩١ ، وابن الشجري ٢ / ٢٦٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٦٣ ، والدر المصون ٦ / ٥٣١.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١٧٤.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠١) عن ابن عباس وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.