وعن مجاهد أيضا : عرفها الطاعة والمعصية (١).
[وعن محمد بن كعب ـ رضي الله عنه ـ إذا أراد الله تعالى لعبده خيرا ألهمه الخير فعمل به ، وإذا أراد به الشر ألهمه الشرّ فعمل به (٢).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ألهم المؤمن التقي تقواه وألهم الكافر فجوره (٣) ، وعن قتادة : بين لها فجورها وتقواها (٤) ، والفجور والتقوى مصدران في موضع المفعول](٥).
قال الواحدي : الإلهام هو أن يوقع الله في قلب العبد شيئا ، وإذا أوقع في قلبه فقد ألزمه إياه ، من قولهم : لهم الشيء وألهمه : إذا بلغه ، وألهمته ذلك الشيء ، أي أبلغته ، هذا هو الأصل ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله تعالى في قلب العبد لأنه كالإبلاغ.
قوله : (قَدْ أَفْلَحَ). فيه وجهان :
أحدهما : أنه جواب القسم ، والأصل : لقد وإنما حذفت لطول الكلام ، والثاني : أنه ليس بجواب ، وإنما جيء به تابعا لقوله تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء ، فالجواب محذوف ، تقديره [ليدمرنّ](٦) الله عليهم ، أي : على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحا ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال معناه الزمخشري (٧). وقدر غيره : لتبعثن.
وقيل : هو على التقديم والتأخير بغير حذف ، والمعنى : قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ، والشمس وضحاها.
وفاعل «زكّاها» و «دسّاها» ، الظاهر أنه ضمير «من».
وقيل : ضمير الباري تعالى ، أي : أفلح وفاز من زكاها بالطاعة ، وقد خاب من دساها أي : خسرت نفس دسها الله تعالى بالمعصية ، وأنحى الزمخشري على صاحب هذا القول لمنافرته مذهبه (٨).
قال شهاب الدين (٩) : والحق أنه خلاف الظاهر ، لا لما قال الزمخشري ، بل لمنافرة نظمه للاحتياج إلى عود الضمير على النفس مقيدة بإضافتها إلى ضمير «من».
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٢) عن ابن عباس ومجاهد والضحاك.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٥١).
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٢) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠١) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) سقط من ب.
(٦) في ب : فدمدم.
(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٦٠.
(٨) ينظر السابق.
(٩) الدر المصون ٦ / ٥٣٢.