عجبا لعزّة في اختيار قطيعتي |
|
بعد الضّلال فحبلها قد أخلقا (١) |
وقيل : ضالا في شعاب «مكة» ، فهداك وردك إلى جدك عبد المطلب.
وقال كعب ـ رضي الله عنه ـ : إن حليمة لما قضت حق الرضاع ، جاءت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم لترده على عبد المطلب ، فسمعت عند باب «مكة» : هنيئا لك يا بطحاء «مكة» ، اليوم يرد إليك الدين والبهاء والنور والجمال ، قالت : فوضعته لأصلح ثيابي (٢) ، فسمعت هدة شديدة فالتفت فلم أره ، فقلت : معشر الناس ، أين الصبي؟ فقالوا : لم نر شيئا ، فصحت : وا محمداه ، فإذا شيخ فان يتوكأ على عصاه ، فقال : اذهبي إلى الصنم الأعظم ، فإن شاء أن يرده إليك فعل ، ثم طاف الشيخ بالصّنم ، وقبل رأسه وقال : يا رب ، لم تزل منتك على قريش ، وهذه السعدية تزعم أن ابنها قد ضلّ ، فرده إن شئت ، فانكبّ هبل على وجهه ، وتساقطت الأصنام ؛ وقالت : إليك عنا أيها الشيخ ، فهلاكنا على يدي محمد ، فألقى الشيخ عصاه ، وارتعد ، وقال : إن لابنك ربا لا يضيعه فاطلبيه على مهل ، فانحشرت قريش إلى عبد المطلب ، وطلبوه في جميع «مكة» ، فلم يجدوه فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعا ، وتضرع إلى الله أن يرده ؛ وقال : [الرجز]
٥٢٤٢ ـ يا ربّ ، ردّ ولدي محمّدا |
|
أردده ربّي واصطنع عندي يدا (٣) |
فسمعوا مناديا ينادي من السماء : معاشر الناس لا تضجوا ، فإن لمحمد ربّا لا يضيعه ولا يخذله ، وإن محمدا بوادي «تهامة» ، عند شجرة السّمر ، فسار عبد المطلب هو وورقة بن نوفل ، فإذا النبي صلىاللهعليهوسلم قائم تحت شجرة يلعب بالأغصان وبالورق (٤).
وفي رواية : فما زال عبد المطلب يردد البيت حتى أتاه أبو جهل على ناقة ، ومحمدصلىاللهعليهوسلم بين يديه ، وهو يقول : ألا تدري ماذا جرى من ابنك؟.
فقال عبد المطلب : ولم؟ قال : إني أنخت الناقة ، وأركبته خلفي فأبت الناقة أن تقوم ، فلما أركبته أمامي قامت النّاقة.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : رده الله إلى جده وبيد عدوه ، كما فعل بموسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين حفظه عند فرعون (٥).
وقال سعيد بن جبير : خرج النبي صلىاللهعليهوسلم مع عمه أبي طالب في سفر ، فأخذ إبليس بزمام ناقته في ليلة ظلماء فعدل بها عن الطريق ، فجاء جبريل ـ عليهالسلام ـ فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض «الهند» ، ورده إلى القافلة صلىاللهعليهوسلم (٦).
__________________
(١) ينظر القرطبي ٢٠ / ٦٦.
(٢) في أ : شأني.
(٣) البيت لعبد المطلب بن هاشم ينظر القرطبي ٢٠ / ٦٦ ، والفخر الرازي ٣١ / ٢١٧.
(٤) ينظر القرطبي ٢٠ / ٦٥.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر المصدر السابق.