وقال الكلبيّ : يعني الحليم عن جهل العباد ، فلم يعجل بعقوبتهم (١) ، [وقيل : اقرأ أولا لنفسك ، والثاني للتبليغ ، والأول للتعميم من جبريل عليهالسلام ، والثاني للتعليم واقرأ في صلاتك.
وقيل : اقرأ وربك ، أي : اقرأ يا محمد وربك يغنيك ويفهمك ، وإن كنت غير قارىء](٢). [والأول أشبه بالمعنى ، لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمة ، دلّ على كرمه](٣).
قوله : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) ، يعني : الخط والكتابة ، أي : علم الإنسان الخط بالقلم.
قال قتادة : العلم نعمة من الله عظيمة ، ولو لا ذلك لم يقم دين ، ولم يصلح عيش (٤) ، فدل على كمال كرمه تعالى ، بأنه علم عباده ما لم يعلموا ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبّه على فضل الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو ، وما دونت العلوم ، ولا قيدت الحكم ، ولا ضبطت أخبار الأولين ، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة. وسمي القلم ، لأنه يقلم ومنه تقليم الظفر ، ولو لا هي ما استقامت أمور الدين والدنيا.
وروى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قلت : يا رسول الله أكتب ما أسمع منك من الحديث؟ قال : «نعم ، فاكتب ، فإنّ الله علّم بالقلم» (٥).
ويروى أن سليمان عليهالسلام سأل عفريتا عن الكلام ، فقال : ريح لا يبقى. قال : فما قيده؟ قال : الكتابة.
وروى مجاهد عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ، ثم قال تعالى لسائر الحيوان : كن فكان : القلم ، والعرش ، وجنة عدن ، وآدم عليه الصلاة والسلام(٦).
من علمه بالقلم؟ ثلاثة أقوال :
أحدها : قال كعب الأحبار : أول من كتب بالقلم آدم عليهالسلام (٧).
وثانيها : قول الضحاك : أول ما كتب إدريس عليه الصلاة والسلام (٨).
والثالث : أنه جميع من كتب بالقلم ، لأنه ما علم إلّا بتعليم الله تعالى.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٨١).
(٢) سقط من : ب.
(٣) سقط من : أ.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٤٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٢٥) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٣٠٥) والقرطبي (٢٠ / ٨٢).
(٧) ينظر المصدر السابق.
(٨) ينظر المصدر السابق.