قال الماورديّ : قوله تعالى : (تُحَدِّثُ أَخْبارَها) فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن تحدث أخبارها بأعمال العباد على ظهرها ، قاله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ ورواه مرفوعا (١) ، وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة.
الثاني : قال يحيى بن سلام : (تُحَدِّثُ أَخْبارَها) بما أخرجت من أثقالها ، وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة.
الثالث : قال ابن مسعود : أنها تحدث بقيام الساعة ، إذا قال الإنسان : ما لها؟ فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، فيكون ذلك منها جوابا لهم عند سؤالهم ، ووعيدا للكافر ، وإنذارا للمؤمن.
وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الله تعالى يقلبها حيوانا ناطقا ، فتتكلم بذلك.
الثاني : أن الله يحدث فيها الكلام.
الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام.
قال الطبريّ (٢) : تبين أخبارها بالرّجّة (٣) ، والزلزلة ، وإخراج الموتى.
قوله : (بِأَنَّ رَبَّكَ) متعلق ب «تحدّث» ، أي : تحدث الأرض بما أوحى إليها ويجوز أن يتعلق بنفس أخبارها.
وقيل : الباء زائدة و «أنّ» وما في حيزها بدل من أخبارها.
وقيل : الباء سببية ، أي : بسبب إيحاء الله إليها.
وقال الزمخشريّ : «فإن قلت (٤) : أين مفعولا «تحدّث»؟.
قلت : حذف أولهما ، والثاني : أخبارها ، أي : تحدث الخلق أخبارها ، إلا أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيما لليوم.
فإن قلت : بم تعلقت الباء ، في قوله «بأنّ ربّك»؟.
قلت : ب «تحدث» ومعناه : تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها ، وأمره إياها
__________________
ـ «الكبرى» (٦ / ٥٢٠) ، والطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٦١) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٤٥) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في «الشعب».
(١) هو الحديث السابق.
(٢) جامع البيان ١٢ / ٦٦٠.
(٣) في أ : بالرجفة.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٨٤.