وخرجه الزمخشري (١) على وجهين :
الأول : بمعنى فأظهرن به غبارا ؛ لأن التأثير فيه معنى الإظهار.
الثاني : قلب «ثورن» إلى «وثرن» ، وقلب الواو همزة انتهى.
يعني : الأصل «ثوّرن» من ثور يثور ـ بالتشديد ـ عداه بالتضعيف كما يعدى بالهمزة في قولك : أثاره ثم قلب الكلمة بأن جعل العين وهي الواو موضع الفاء وهي الثاء ، ووزنها حينئذ «عفلن» ثم قلب الواو همزة ، فصار : «أثرن» ، وهذا بعيد جدا ، وعلى تقدير التسليم ، فقلب الواو المفتوحة همزة لا ينقاس ، إنما جاءت منه ألفاظ ك «أحد وأناة» والنقع : الغبار.
وأنشد : [البسيط]
٥٢٧٤ ـ يخرجن من مستطار النّقع دائمة |
|
كأنّ آذانها أطراف أقلام (٢) |
وقال ابن رواحة : [الوافر]
٥٢٧٥ ـ عدمت بنيّتي إن لم تروها |
|
تثير النّقع من كنفي كداء (٣) |
وقال أبو عبيدة : النقع ، رفع الصوت ؛ قال لبيد : [الرمل]
٥٢٧٦ ـ فمتى ينقع صراخ صادق |
|
يحلبوها ذات جرس وزجل (٤) |
يروى : «يجلبوها» أيضا ، يقول : متى سمعوا صراخا أجلبوا الحرب ، أي : جمعوا لها ، وقوله : «ينقع صراخ» يعني رفع الصوت.
قال الزمخشري (٥) : ويجوز أن يراد بالنّقع : الصياح ، من قوله عليه الصلاة والسلام : «لم يكن نقع ولا لقلقة» (٦).
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٨٧.
(٢) قائله هو عديّ بن الرقاع العاملي ينظر سمط اللآلىء ٢ / ٢٧٦ ، والاقتضاب ص ٣٢٢ ، والأمالي ٢ / ٢٧٤ ، والبحر ٨ / ٤٩٩ ، والدر المصون ٦ / ٥٥٩.
(٣) ينظر القرطبي ٢ / ١٠٨ ، والبحر ٨ / ٤٩٩ ، والدر المصون ٦ / ٥٥٩ ، وفتح القدير ٥ / ٤٨٢.
(٤) ينظر ديوان لبيد ص ١٤٦ ، والكامل ١ / ٣٣١ ، والكشاف ٤ / ٧٨٧ ، والاقتضاب ص ٤١٩ ، والأضداد للأصمعي ص ٥٤ ، والبحر ٨ / ٥٠٠ ، واللسان (نقع) ، والدر المصون ٦ / ٥٥٩.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٨٧.
(٦) ذكره الحافظ ابن حجر في «تخريج الكشاف» (٤ / ٧٨٧) ، وقال : لم أجده مرفوعا ، وإنما ذكره البخاري في الجنائز تعليقا عن عمر قال : «دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة» ، قال : والنقع التراب على الرأس واللقلقة الصوت. ووصله عبد الرازق والحاكم وابن سعد وأبو عبيد الحربي في الغريب كلهم من طريق الأعمش عن أبي وائل قال : «وقيل لعمر : إن نسوة من بني المغيرة قد اجتمعن في دار خالد بن الوليد يبكين عليه وإنا نكره أن يؤذينك فلو نهيتهن فقال : ما ـ