قال قتادة : كانت تعير النبي صلىاللهعليهوسلم بالفقر ، ثم كانت مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها ، فعيرت بالبخل (١).
وقال ابن زيد والضحاك : كانت تحمل العضاه ، والشّوك ، فتطرحه بالليل على طريق النبيصلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فكان صلىاللهعليهوسلم يطؤه كما يطأ الحرير (٢).
وقال مرّة الهمذاني : كانت أم جميل ـ لعنها بالله ـ تأتي كل يوم بإبالة من الحسك فتطرحها على طريق المسلمين ، فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح ، فجذبها الملك من خلفها فأهلكها.
القول الثاني : أنه مجاز عن المشي بالنميمة ، ورمي الفتن بين الناس ؛ قال : [الرجز]
٥٣٤٦ ـ إنّ بني الأدرم حمّالو الحطب |
|
هم الوشاة في الرّضا وفي الغضب |
عليهم اللّعنة تترى والحرب (٣) |
وقال آخر : [الطويل]
٥٣٤٧ ـ من البيض لم تصطد على ظهر لأمة |
|
لم تمش بين الحيّ بالحطب الرّطب (٤) |
وجعله رطبا تنبيها على تدخينه ، وهو غريب من ترشيح المجاز ، يعني لم تمش بالنمام.
وقال سعيد بن جبير : حمالة الخطايا ، والذنوب ، من قولهم : فلان يحتطب على ظهره(٥).
قال تعالى : (يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) [الأنعام : ٣١].
وقرأ أبو قلابة (٦) : «حاملة الحطب» على وزن «فاعلة» ، وهي محتملة لقراءة العامة ، وقرأ عياض (٧) : «حمالة للحطب» بالتنوين وجر المفعول بلام زائدة تقوية للعامل كقوله تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦] ، وأبو عمرو في رواية : «وامرأته» باختلاس الهاء دون إشباع
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٦٣) ، وأخرجه الطبري (١٢ / ٧٣٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٣٦) ، عن الضحاك وابن زيد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٧٠٢) ، عن ابن زيد وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٣) ينظر القرطبي ٢٠ / ١٦٣ ، والبحر ٨ / ٥٢٨.
(٤) البيت ليعقوب ينظر الكشاف ٤ / ٨١٥ ، والقرطبي ٢٠ / ١٦٣ ، والبحر ٨ / ٥٢٨ ، والدر المصون ٦ / ٥٨٦.
(٥) ينظر تفسير الماوردي (٦ / ٣٦٧) ، والقرطبي (٢٠ / ١٦٤).
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٥٣٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٨٦.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٥٨٦.